اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان زيارته الى قطر هي تلبية لدعوة اميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لحضور افتتاح بطولة كأس العرب فيفا 2021 وتدشين الملاعب الرياضية، وهي تعبير عن مدى عمق ومتانة هذه العلاقات بين البلدين المنزّهة عن المصالح. واشاد بالمبادرات القطرية لمساعدة لبنان، خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت.
واعتبر في حديث لصحيفة “الراية” القطرية، ان الدبلوماسية القطرية رائدة وحاضرة دائما في المحافل الاقليمية والدولية ، والعالم اليوم بحاجة أكثر من أيّ وقت مضى لتغليب لغة العقل والحوار بدلا من لغة التقاتل والتباعد والقوة.
واوضح رئيس الجمهورية ان قوله “لن اسلّم الفراغ” استثمر بشكل خاطىء في اطار الحملات المركزة والمبرمجة للاساءة، وان ما قصده كان من باب التأكيد على عدم حصول فراغ بعد انتهاء الولاية الرئاسية، علما ان الدستور اللبناني لحظ امكانية حصول الفراغ لاي سبب كان ونص على ان مجلس الوزراء يمارس مجتمعا صلاحيات الرئيس الى حين انتخاب رئيس جديد من قبل مجلس النواب، مشيراً الى انه لا يوجد سبب منطقي لتقريب موعد اجراء الانتخابات النيابية.
وشدد على ان التمديد غير وارد، وعلى ضرورة ان يتمتع الرئيس المقبل بتمثيل صحيح ولديه من المؤهلات التي تمكنه من تولي هذه المسؤولية الكبيرة ويكون ملماً بالتركيبة اللبنانية المميزة ويكون عنصر تلاق وليس تفرقة. وأضاف الرئيس عون انه منتخب من مجلس النواب، لولاية محددة تنتهي في 31 تشرين الاول 2022، “وسأبقى اتحمل مسؤولياتي كاملة حتى ذلك التاريخ . ثمّ لم افهم بعد ما هو الموجب الذي يحتّم استقالتي؟! ان الدعوات التي تصدر من حين الى آخر لا مبرر واقعيا لها بل تندرج في اطار المزايدات والشعارات الشعبوية التي لو يدرك مطلقوها مدى خطورتها لكانوا احجموا عن تردادها”.
ولفت الى ان الاحداث التي شهدها لبنان خلال السنتين الماضيتين طغت بسلبيتها على كل الايجابيات التي تحققت في العهد لعل ابرزها إقرار مراسيم استخراج النفط والغاز الذي يحتلّ صدارة الإيجابيات، مضيفاً ان لبنان طالب بتعديلات على خطوط التفاوض غير المباشر مع اسرائيل حول الحدود البحرية، وفي التفاوض على كلّ فريق أن يقدّم تنازلاً للوصول إلى حلّ، معتبراً ان هناك اعتبارات “جيوبوليتيكية” في هذا الاطار، والدولة صاحبة القرار في هذا السياق قد تكون قريبة منّا جغرافياً وقد تكون بعيدة عنّا، ولكن الأكيد هو أنّ تأثيرها كبير جداً على شركات النفط.
واكد الرئيس عون حرصه على مبدأ فصل السلطات، وعلى عدم التدخل في عمل القضاء، مشيراً الى ان ليس من صلاحية مجلس الوزراء البتّ في موضوع القاضي طارق البيطار، وهذا الأمر متروك للقضاء حصراً. واوضح انه لم يطلع على الصور التي وفرتها روسيا عبر اقمارها الاصطناعية لمرفأ بيروت قبل وبعد الانفجار، وانه طلب تسليم الصور الى القضاء لمعرفة الملابسات.
وعن الحضور القطري في لبنان والمساعدات للجيش، قال: “يمرّ لبنان بأزمة اقتصادية خانقة والجيش اللبناني والمؤسسات الامنية الاخرى ليسوا بمنأى عنها. أسباب الأزمة متعدّدة وتبدأ بالتبعات الكارثية للحرب السورية التي سدّت المنافذ البرية إلى دول الخليج العربي وعطلت حركة التصدير واضرت بالاقتصاد اللبناني ، وأغرقت لبنان بمليون و850 ألف نازح سوري لم يعد منهم سوى مجموعات قليلة لأنّ العودة طوعية، الأمر الذي شكّل عبئاً مالياً كبيراً علينا، سيّما وأنّ الأمم المتحدة حصرت مساعداتها المالية بالنازحين أنفسهم. وبحسب صندوق النقد الدولي ينفق لبنان على النازحين ما بين 3 و4 مليار دولار سنوياً. وفي العام 2019 حصلت مظاهرات ساهمت في تعميق المشكلة الاقتصادية، ومن ثمّ أتت جائحة كورونا لتضيق الخناق أكثر على اقتصادنا، وبعد الكورونا وقع انفجار المرفأ، وهو بمثابة كارثة كبرى أصابت شريان الاقتصاد الرئيسي بانسداد”.
واضاف: “لا وجود لاستثمارات قطرية اساسية في لبنان علماً أنّ الأرض خصبة في الوقت الحاضر، وخلال زيارتي للدوحة سأدعو الأمير التوجيه للاستثمار في إعادة إعمار مرفأ بيروت، وفي الكهرباء والبنى التحتية، أضف إلى التوظيف المصرفي. ان المديونية الكبيرة هي أحد أبرز أسباب انهيار العملة الوطنية، وقد ساهمت العوامل الإضافية التي ذكرتها آنفاً في الوصول إلى الانهيار الشامل، ونعمل من خلال الحكومة على بلورة خطة اقتصادية متكاملة، تقوم على مبدأ التفاوض مع صندوق النقد الدولي واجراء الاصلاحات الضرورية واعادة تنظيم قطاعات عدة منها القطاع المصرفي وضبط الانفاق وترشيده وغيرها من النقاط الاصلاحية التي سبق ان طالبت باقرارها ووضعنا في الحكومة ما قبل السابقة خظة متكاملة اشرفت عليها مجموعة ” ماكينزي ، الا ان التطورات السياسية التي تسارعت بعد ذلك حالت دون تنفيذها”.
وحول وضع الكهرباء، اشار الرئيس عون الى ان الإهمال الحكومي “أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، ولو تمّ الالتزام بالخطة المثالية والمتكاملة التي وُضعت في العام 2010 لكنّا الآن في منأى عن هذه الأزمة، ومعلوم أنّه قد تمّت عرقلة الخطة بقرار سياسي يدفع اللبنانيون ثمنه غاليا اليوم . انها المماحكة السياسية والاعتبارات الشخصية التي حالت دون تنفيذ الخطة والذين تولوا العرقلة باتوا معروفين من اللبنانيين كافة”.
وسأل الرئيس عون عن التحركات الشعبية التي حصلت، فأجاب انه عندما تسقط حكومة تحت الضغط الشعبي يُصار إلى تأليف حكومة جديدة تأخذ في الاعتبار المطالب التي من أجلها خرج الناس إلى الشارع. “أنا دعوت الحراك للاستماع إلى مطالبه والقيام بالإصلاحات المطلوبة، وقد تبيّن مع الوقت أنّ المجموعات متناقضة وتفتقر إلى قيادة موحدة ومرجعية واحدة ، ومن ثمّ علمنا أنّ مشغل هذه المجموعات في الخارج وليس في لبنان. وبالنسبة الى الانتخابات النيابية، ظاهرياً لا لحمة بين مجموعات الحراك رغم محاولاتها المتكرّرة للمّ الشمل، وعدم انتظامها في لوائح موحّدة سيصعّب عليها إحراز فوز في الانتخابات.”
ورأى الرئيس عون ان الأزمة التي نعيشها هي التي ستبقى في اذهان اللبنانيين، “ولكن العامل الإيجابي في هذا الجو السلبي هو اني استطعت المحافظة على الاستقرار رغم الضغط الدولي الكبير لاسباب عدة ابرزها ما يتعلق بسلاح حزب الله الذي لا يتوحّد الشعب اللبناني بأكمله في النظرة اليه .رغم ذلك لقد خلقنا حالة سلمية بين اللبنانيين ولم تحصل ضربة كفّ واحدة.” واضاف: “مع الاسف الاحداث التي شهدها لبنان خلال السنتين الماضيتين طغت بسلبيتها على كل الايجابيات التي تحققت في العهد لعل ابرزها إقرار مراسيم استخراج النفط والغاز الذي يحتلّ صدارة الإيجابيات”.
وحول ادراج اوستراليا لحزب الله على لائحة الارهاب، سأل رئيس الجمهورية ما اذا طانت اوستراليا قامت بهذه الخطوة بقرار ذاتي؟، مشيرا إلى أن حزب الله شبه محاصر، وهذا الحصار الخارجي له قد يولّد انفجاراً داخلياً إذا ما زاد عن هذا الحدّ، والانفجار الأمني في الداخل – اذا حصل لا سمح الله – هو إيذان بانطلاق حرب أهلية. وقال: “نحن نتحمّل راهناً النتائج السيئة للحصار، ولكن هذا الوضع على سيئاته هو أفضل بكثير من الحرب الأهلية التي استبعد حصولها لان لا احد يمكن ان يدخل هذه المغامرة الخاسرة”.