وسط الانشغال اللبناني بالحرب بين روسيا وأوكرانيا والهموم الاقتصادية والانتخابات النيابية والحدود البحرية، أطلّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل سابحاً عكس تيار الاحداث، ليُطلق مشروع “لبنان المدني” المرتكِز على بنود اصلاحية عدة، من بينها العودة إلى اقتراح لافت في مضمونه وتوقيته يقضي بانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب على مرحلتين، علماً انه سبق للعماد ميشال عون أن طرحه قبل وصوله الى رئاسة الجمهورية.
وفي السياق، أشارت اوساط قيادية في “التيار الوطني الحر”، في حديث لصحيفة “الجمهورية”، الى انّ “المطالبة بانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة إنما تهدف الى توسيع حيّز الديموقراطية وتحرير الاستحقاق الرئاسي من الضغوط الخارجية التي غالباً ما تحصل عبر التدخل لدى النواب الذين يتولّون اختيار الرئيس، في حين يصعب إخضاع الناس- الناخبين الى هذه الضغوط. وتتساءل الاوساط: لماذا نُبقي هوية الرئيس رهينة التجاذبات الخارجية، بينما بالإمكان لَبننة هذا الاستحقاق بالكامل عبر منح حق الانتخاب الى اللبنانيين مباشرة، بعيداً من الوسيط النيابي الذي قد يتأثر بالمداخلات من هنا أو هناك؟”.
وأكدت أن “اقتراح باسيل يأخذ في الحسبان ضرورة تحصين الانتخاب الشعبي ضد احتمال طغيان إرادة اكثرية من لون طائفي محدد على الأقلية، «ولذا لا صحة ولا مبرر لخشية البعض من تحكّم المسلمين بوجهة الانتخاب، علماً انّ هذه المخاوف تعكس عدم الإحاطة الكافية بما طرحه باسيل”، لافتةً إلى أن “مشروع باسيل يلحظ إنتخاب الرئيس على مرحلتين: في الأولى يختار المسيحيون حصراً إسمين (الأول والثاني) من ضمن مجموع المرشحين الى رئاسة الجمهورية فيكون كلاهما حائزاً على مشروعية البيئة التي ينتمي اليها. وفي المرحلة الثانية ينتخب المسلمون وكذلك المسيحيون بطبيعة الحال واحداً من هذين المرشحين الاثنين. وتستغرب الاوساط اتهام التيار بأنه يقفز فوق الاولويات الراهنة المُلحّة ويولي الاهتمام لمسائل غير آنية ولا تتعلق بجوهر المعاناة الحالية، مشددة على أنّ الانهيار الذي وقع، وما سبقه وسَيليه من تحديات سياسية واقتصادية، ليس سوى نتاج لمأزق النظام الذي لا يفرز بطبيعته وتركيبته غير الازمات، «وبالتالي فإنّ تغييره او تطويره ممر إلزامي لمعالجة اصل المشكلة حتى لا نظل نتلهّى بالقشور”.
ونبهت الاوساط الى انّ “النظام الطائفي هو الذي أفرز المحميات السياسية والاقتصادية التي تتحمّل جزءا كبيرا من مسؤولية دفع البلد نحو الهاوية، «وإذا كان التدقيق الجنائي المالي أمراً حيوياً لكشف دور الأرقام في الانهيار فإن التدقيق الجيني السياسي كفيل بكشف دور تلك المحميات”.
✔وفد “صندوق النقد الدولي” التقى أمس رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي وبعض المسؤولين:
علمت “الجمهورية”، انّ وفد صندوق النقد الدولي، الذي التقى أمس رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي وبعض المسؤولين، شدد على وجوب الالتزام بإصلاحات خطة الكهرباء وعدم خداع الصندوق عبر ابداء الموافقة المبدئية عليها ثم التملّص من مترتباتها لاحقاً. وأكد ضرورة تشكيل الهيئة الناظمة ورفع التعرفة بعد زيادة نسبة التغذية واعتماد قاعدة تأمين الطاقة بأقل كلفة ممكنة مع ما يعنيه ذلك من تحديد مدروس لعدد المعامل وَتفادي إخضاعها لمعادلة التوازنات الطائفية.
كذلك بحث وفد الصندوق في خطة التعافي التي ستستكمل مناقشتها مع استئناف المفاوضات بين الحكومة والصندوق في منتصف الشهر الحالي. وأبلغت اوساط مطلعة الى “الجمهورية”، انّ الصندوق يدفع في اتجاه عدم تحميل المودعين الجزء الأكبر من الخسائر، مشيرة الى انّ الصندوق المعروف بتشدده وقسوته بَدا حتى الآن اكثر رأفة بالمودعين من السلطة الحاكمة والطبقة المصرفية.
وفي معلومات لـ”الجمهورية” ايضاً ان وفد الصندوق لفت خلال جولته على المسؤولين الى اهمية استعجال الخطوات التي يطلبها الصندوق لتحديد المرحلة الثانية من المفاوضات بعد الانتهاء من المرحلة الاولى قبل عشرة ايام تقريباً. وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ خطة التعافي وبعض القوانين المطلوبة مثل قانون “الكابيتال كونترول” كانت ضرورية في مرحلة سابقة في مواجهة الازمة النقدية، وهو أسلوب ناجح اعتمد في عدد من الدول التي شهدت أزمات مفاجئة مماثلة كتلك التي تعانيه المالية اللبنانية بالإضافة الى اعادة النظر في النظام المصرفي.
واضافت المصادر “ان هناك حاجة الى خطوات اخرى، مثل إعادة النظر في النظام الضريبي وبرامج الطاقة وكلفتها وتعديل فاتورتها قياساً على حجم الكلفة الحقيقية وبما يكفي لتحسين أوضاع القطاع وزيادة الانتاج بما يُعيده الى الحد الادنى المطلوب من ساعات التغذية لتجاوز هذه المرحلة الصعبة والانتقال الى ما هو افضل. كذلك شدد الوفد على ضرورة التجاوب مع ما هو مطلوب من وساطات في شأن عملية ترسيم الخط البحري بين لبنان واسرائيل. وأبلغ الوفد الى المسؤولين الذين التقاهم ان الجولة المقبلة من المفاوضات لن يحدد موعدها قبل معرفة ما أنجزته الحكومة على مستوى خطة التعافي والقوانين والاصلاحات الآنفة الذكر”.
✔زيارة وزارة الخزانة:
في غضون ذلك كشفت مصادر مطلعة، انّ جولة وفد وزارة الخزانة الاميركية أوحت بكثير مما حمله وفد صندوق النقد الدولي، حيث التقى الوفدان على مجموعة من الملاحظات في شأن الموازنة العامة وخطة التعافي كما بالنسبة الى عملية ترسيم الحدود البحرية. وقالت المصادر المطلعة لـ”الجمهورية”، ان وفد وزارة الخزانة شدد على بعض النقاط المتعلقة بمهمته واختصاصه، وكان واضحاً لجهة تعزيز الإجراءات للحد من تمويل الإرهاب والسهر على التدابير المتخذة في القطاع المصرفي لمنع استغلال بعض الثغرات التي يمكن النفاذ منها الى مثل هذه العمليات غير المشروعة. ولفتت المصادر الى ان الوفد توقف عند ضرورة معاينة القطاع المصرفي انطلاقاً من الخطة التي تستهدفه وحجم الخسائر التي تسبّبت بها مصاريف الدولة في مصرف لبنان وقطاع المصارف والتخفيف قدر الإمكان من خسائر المودعين وحمايتها.
✔تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية:
وعلى صعيد آخر يعقد مجلس الوزراء جلسة في عند الرابعة بعد ظهر بعد غد الجمعة في القصر الجمهوري، وبين بنود جدول الاعمال تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية لسنة واحدة بناء على اقتراح وزير الداخلية بسام المولوي وتقريره الاولي حول مراكز “الميغاسنتر” المطلوب اعتمادها في الانتخابات. وأكدت مصادر معنية لـ”الجمهورية”، انّ ما يفرض تأجيل الانتخابات البلدية هو ان الدولة بإمكاناتها المادية واللوجستية الراهنة لن تكون قادرة على إجراء هذه الانتخابات عقب اجرائها الانتخابات النيابية في ايار المقبل.