أخبار عاجلة

تركيا في غزة: نكون في «القوّة الدوليّة» أو لا تكون!

لا تزال الإحتلال الإسرائيلي على موقفه الرافض لمشاركة تركيا في «قوّة الاستقرار» في قطاع غزة. وفي انتظار تبلور موقف أميركي واضح في هذا الخصوص، يبقى تشكيل القوّة مُعلّقاً على شروط لا حصر لها.

تتركّز الأنظار على موقف ترامب، وما إذا كان قادراً أو راغباً في معارضة الموقف الإسرائيلي!

عُقد، الثلاثاء، اجتماع في الدوحة ضمَّ ممثّلي نحو 45 دولة من أجل البحث في تشكيل القوّة العسكرية التي ستشرف على حفظ الأمن في قطاع غزة، عند دخول اتفاق وقف إطلاق النار مرحلته الثانية. ورغم مشاركة دول عربية وإسلامية، وأخرى غربية، في الاجتماع الذي دعت إليه الولايات المتحدة، بدا لافتاً غياب تركيا فيه، علماً أنها إحدى الدول الأربع الراعية لإتفاق غزة، إلى جانب قطر ومصر والولايات المتحدة.

ومنذ توقيع اتفاق شرم الشيخ في شأن غزة، تصاعد النقاش بخصوص «القوّة الدولية»، والدول التي ستشارك فيها، في موازاة ما بدا أنه إصرار إسرائيلي على منع تركيا من أن تكون جزءاً منها، وذلك على خلفية التوتّر المتزايد في العلاقات بين الجانبين على أكثر من مستوى. وهكذا، فإنّ الامتناع عن دعوة أنقرة إلى اجتماع الدوحة، جاء بعد ضغوط مارستها تل أبيب على واشنطن، وهو ما يُثير أسئلة حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه إسرائيل في ممانعتها إشراك الأتراك.

ومع أنّ واشنطن، أعلنت كانون الثاني المقبل، موعداً لنشر «قوّة الاستقرار»، غير أنّ تعطّل إشراك قوات من دول إسلامية وازنة من مثل آذربيجان وإندونيسيا كما تركيا، من شأنه أن يؤخّر تشكيلها. وممّا يلفت هنا، أنّ بعض تلك الدول تؤيّد المشاركة في المشروع شرط أن تنحصر مهامّ قواتها في الأعمال الإنسانية والطبية والإعمار (إندونيسيا مثالاً)، من دون التورّط في أعمال حربية أو أمنية أو نزع سلاح «حماس»، في حين أنّ أخرى ترهن انخراطها بضمّ تركيا إلى المبادرة.

وعليه، يبدو أنّ أنقرة باتت في قلب معادلة تشكيل «قوّة غزة»، وهو ما لا يعاكس رغبتها في أن تكون جزءاً أساسيّاً من القوّة، كوسيلة لتثبيت حضورها ونفوذها في المنطقة ككلّ. على أنّ العقبة الأساسية تظلّ متمثّلة في معارضة إسرائيل لتلك المشاركة، وهي نقطة جرى التباحث في شأنها، الثلاثاء، بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي، توم برّاك، الذي عاد إلى أنقرة للقاء وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان. وكان استبق القنصل الإسرائيلي في نيويورك، أوفير أكونيس، لقاء نتنياهو – برّاك، باعتبار تركيا دولة عدوّة، فيما لم يرَ نتنياهو ضرورة لوجود قوات تركية في القطاع، وذهب وزير أمنه، يسرائيل كاتس، إلى القول: «لن تتمكّن تركيا من رؤية غزة مرّة ثانية (آخر مرّة كانت عام 1918)، إلّا عبر المنظار».

“كاتس: «لن تتمكّن تركيا من رؤية غزة مرّة ثانية (آخر مرّة كانت عام 1918) إلّا عبر المنظار»”

في ضوء ما تقدّم، تتركّز الأنظار على موقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وما إذا كان قادراً أو راغباً في معارضة الموقف الإسرائيلي، لا سيّما وأنه يرى في تركيا لاعباً مهمّاً لمصالح بلاده في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا. وفي وقت تهدّد فيه أنقرة، «قوات سوريا الديموقراطية» باقتلاعها في مطلع العام الجديد، قد تنظر واشنطن في مقايضة المشكلات في سوريا بالوضع في غزة.

ويرى الخبير التركي في العلاقات الدولية، جيهان غونيل، أنّ «إسرائيل تخشى قوّة الردع لدى تركيا، والتي قد تعرقل مشاريعها على المدى الطويل». ووفق ما نقلته عنه صحيفة «حرييات»، فإنّ «تركيا هي القوّة الوحيدة القادرة على ردع إسرائيل عند الضرورة. لذا، لا تريد تل أبيب جنوداً تركيين في قوّة غزة».

ومن جهته، ينظر الكاتب ألب أصلان أوزيرديم إلى مسألة مشاركة تركيا من زاوية أخرى، إذ يقول إنّ «قرار مجلس الأمن الرقم 2803 الخاص باتفاق السلام في غزة، يكشف عن أزمة عميقة في النظام الدولي، حيث تم إعداد القرار من كل جوانبه من دون موافقة حماس والطيف الفلسطيني. وهذا يعني أنّ القرار يهيّئ لظروف جديدة تنبثق منها دورة جديدة من المقاومة». وبرأي الكاتب، فإنّ ذلك «يجعل تركيا أمام أسئلة حقيقية: هل ستندمج في مشروع استقرار محلّي يفتقر إلى الشرعية المحلّية؟ وما هو الفهم الجديد لدور تركيا في غزة؟ فالقرار ينصّ ضمناً على نزع سلاح حماس من جانب قوّة السلام المقترحة، بالقوّة، في حين أنّ تهميش الفلسطينيين في إدارة غزة يوسّع هوّة فقدان الثقة بالأدوار الدولية. أمّا مشاركة تركيا في تنفيذ القرار الدولي، فيناقض خطابها المعلن، ذلك أنّ نزع السلاح أولاً قبل السياسة، هو وصفة فاشلة للحلّ، فضلاً عن أنّ الخلاف بين تركيا وإسرائيل يجعل الدور التركي مسهّلاً وليس فاعلاً». وينتهي أوزيرديم إلى القول إنّ «على تركيا أن تختار بين أن تكون غزة ساحة لديبلوماسية مبدئية ومستدامة، أو أن تكون مجرّد هامش في حلول مفروضة».

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

جلسة تشريعية تكسر طوق المقاطعة و “إعمار الجنوب” يتصدّر القوانين

إقرار إتفاقية القرض الخاصة بإعمار البنى التحتية في الجنوب. لم ينجح مسعى القوات اللبنانية والكتائب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *