أخبار عاجلة

نحو تسجيل أدنى نسبة مشاركة: الإعادة لا تنقذ الانتخابات المصرية!

تكشف انتخابات مجلس النواب في مصر عزوفاً غير مسبوق وتجاوزات موثّقة، وسط هيمنة أحزاب السلطة وتآكل سردية «الانفتاح السياسي».

تُستكمل جولة الإعادة من انتخابات المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب، في الداخل المصري، اليوم، على مدار يومين، بعدما أُجريت في اليومين الماضيين في الخارج. وإذ تشمل هذه الجولة 13 محافظة، ويبلغ عدد الدوائر فيها 55 من إجمالي 73 من دوائر المرحلة الثانية، فهي تغطّي 101 مقعد يتنافس عليها 202 مرشح، وذلك بعدما أسفرت المرحلة الثانية عن فوز 40 مرشحاً (4 مستقلين و36 حزبياً).

وتأتي جولة الإعادة، التي يُنتظر أن تعلن نتيجتها في الـ25 من الشهر الجاري، بعدما سجّلت نسبة المشاركة في بعض الدوائر الانتخابية التي كانت قد أُبطلت فيها الانتخابات، تدنّياً غير مسبوق، إذ لم تتجاوز هذه النسبة الـ2 في المئة، بحسب الإحصاءات المُعلنة، وهو ما أفرز ظواهر شاذّة من مثل أن بعض النواب فازوا بمقاعدهم بعد حصولهم على أقل من 9 آلاف صوت في دوائر انتخابية يتجاوز عدد من يحق لهم التصويت فيها مئات الآلاف من الناخبين.

وعلى سبيل المثال، في عدد من دوائر القاهرة الكبرى، التي يُفترض أنها الأعلى كثافة وتعليماً، على غرار دائرة الجيزة والدقي، لم يشارك في التصويت سوى أقل من 12.5 ألف ناخب من بين أكثر من 700 ألف يحق لهم التصويت. وفي المقابل، سجّلت محافظات الصعيد نسب مشاركة أعلى، وذلك لأسباب مرتبطة بالطابع القبلي؛ علماً أنه حتى هنا، اختير الأشخاص أنفسهم الذين يحظون بدعم السلطة ويستمرون في مناصبهم، من دون أن يقدّموا وعوداً انتخابية واضحة أو يعتمدوا برامج سياسية ملموسة.

ودفعت تلك النتائج أجهزة الدولة إلى تكثيف الحشد من أجل رفع نسب المشاركة في جولة الإعادة، ولا سيما في ظل اتجاه الانتخابات الحالية إلى تسجيل أدنى مشاركة انتخابية منذ عام 2011، بما يخالف ما يراد له الترويج لها حول «الانفتاح السياسي» في البلاد. وعلى الرغم من إعادة الانتخابات، لا تفتأ تُسجّل انتهاكات في بعض الدوائر، إلى حدّ أن الأحزاب الموالية للسلطة، ومنها حزب «حماة الوطن»، تحدّثت عن رصد مخالفات تتعلّق بشراء الأصوات والدعاية أمام اللجان، علماً أن هذا الحزب يُعد من الأطراف التي تحشد الأجهزة الرسمية لصالح مرشحّيها.

“لا يزال حزب «مستقبل وطن» محتفظاً بصدارة الأغلبية البرلمانية”

على أن دفع الأموال للناخبين مقابل التصويت لصالح مرشحين بأعينهم، والذي تمّ توثيقه إعلامياً وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن الخلل الوحيد في المشهد الانتخابي؛ إذ برز أيضاً تراجع اهتمام «الهيئة الوطنية للانتخابات»، المشرفة على العملية، بالردّ على التساؤلات أو التعامل الجدّي مع المخالفات. وقد عكس هذا التراجع تزايد رصد الخروقات، وعدم وجود ردود رسمية في بعض الأحيان، رغم توثيق مخالفات داخل لجان انتخابية يُفترض أن تكون الصناديق فيها تحت إشراف قضائي.

وبخلاف الانشغال المحدود عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أفراد يعملون في المجال السياسي، لا تحظى الانتخابات بأي صدى حقيقي أو تفاعل واسع، سواء على المنصات الرقمية أو حتى من حيث الاهتمام بمواعيد جولات الإعادة في الدوائر التي أُلغيت نتائجها بأحكام قضائية.

ووفق النتائج والإحصائيات المُعلنة حتى الآن، لا يزال حزب «مستقبل وطن» محتفظاً بصدارة الأغلبية البرلمانية، بحصوله على أكثر من 45 في المئة من المقاعد، فيما تحوز أحزاب الموالاة مجتمعة ما يزيد على 80 في المئة من المقاعد المحسومة، سواء عبر نظام القوائم أو المقاعد الفردية، التي لم يحظَ المستقلون فيها بحضور يُذكر.

وفي ظلّ التقارير التي وصلت إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي حول «استياء شعبي» من الواقع الانتخابي، يقول مسؤول في جهة سيادية مصرية، لـ«الأخبار»، إن السيسي «غاضب بشدة ممّا حدث، ولديه تحفّظات كثيرة، ويبحث في جميع الخيارات المُتاحة في ضوء التقارير التي وصلته حول استياء شعبي»، مرجّحاً «ألّا يُكمل البرلمان الجاري انتخابه، مدته كاملة (حتى عام 2030)، إلا أن هذا الأمر يبقى رهن اعتبارات عدة وآليات يجري بحثها حالياً». ويضيف أن مقرّبين من الرئيس «تحدّثوا عن ضرورة تعديل النظام الانتخابي، والتوقف عن نظام القائمة المطلقة، والعودة إلى التوسّع في المقاعد الفردية، باعتبارها قادرة على خلق زخم انتخابي حقيقي في الشارع، إلى جانب إتاحة المجال السياسي أمام جزء من المعارضة»، وهو أمر «يجري بحثه بشكل موسّع في المرحلة الحالية، بما قد يفضي إلى احتواء عدد من المشاركين في الحوار الوطني، الذين أبدوا استياءهم من نتائج الانتخابات، بعد تجاهل معظم التوصيات التي كانوا قد قدّموها».

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

مصادر لـ “الجمهورية”: الدور الأساسي الذي يُعوّل عليه في اجتماع “الميكانيزم” سيضطلع به الشريك الفرنسي

قالت مصادر لصحيفة “الجمهورية” أنّ الدور الأساسي الذي يُعوّل عليه في اجتماع “الميكانيزم” سيضطلع به …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *