قرصنة أميركية تحت «الفصل السابع» | طهران – واشنطن: عودة المواجهة البحرية
وكالة ميادين المقاومة
6 ساعات مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
بدأت الولايات المتحدة، في إطار حملة «الضغوط القصوى» تصعيد مواجهتها البحرية مع إيران، فاتحةً بذلك الباب أمام انتقال تلك المواجهة من المستوى المتحكَّم به إلى التصادم المباشر، الذي سيجرّ عدم إستقرار مزمناً ومكلفاً لجميع الأطراف.

تريد واشنطن نقل رسالة إلى طهران مفادها بأن إعادة تأهيل قدراتها، حتى عن طريق الصين، تخضع للمراقبة الأميركية ويتمّ التصدّي لها!
تندفع الولايات المتحدة إلى تصعيد مواجهتها البحرية مع إيران، استكمالاً لحملة الضغوط القصوى التي كانت بلغت إحدى ذرواتها بإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران. وبدأت المساعي الجديدة لتقييد مسارات التجارة البحرية الإيرانية، وإرباك جهود الجمهورية الإسلامية لإعادة بناء برنامجها الصاروخي ما بعد حرب حزيران، مع إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، مداهمة ناقلة نفط تخضع للعقوبات، كانت تُستخدم سابقاً لنقل النفط من فنزويلا وإيران. ووفقاً لما نقلته وكالة «رويترز» عن ستة مصادر مطلعة، فإن الأميركيين يخطّطون لإعتراض المزيد من السفن التي تنقل النفط الفنزويلي والإيراني؛ علماً أن وجود إيران كلاعب ظلّ في صراع معتمل في الكاريبي، يمنح الولايات المتحدة فرصة استخدام «ملفّها» كجزء من الضغوط على الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو. وفي الاتجاه نفسه، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن فريقاً من القوات الخاصة الأميركية داهم سفينة في المحيط الهندي كانت متّجهة من الصين إلى إيران، الشهر الماضي، وصادر مستلزمات مرتبطة بالاستخدامات العسكرية، وذلك في سياق الجهود الرامية إلى منع طهران من إعادة بناء ترسانتها. وإذ تعدّ هذه هي المرّة الأولى منذ سنوات التي يعلَن فيها عن أن الجيش الأميركي اعترض «شحنة صينية» كانت في طريقها إلى إيران، فإن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حذّر، بدوره، الخميس الماضي، طهران من مغبّة إعادة بناء قدراتها النووية، تحت طائلة «تدميرها مرّة أخرى»، مدّعياً أن في مقدور بلاده تعطيل الصواريخ الإيرانية «بسرعة كبيرة».
“يمكن لتبعات هذا المسار أن تُترجم هشاشةً في الأمن البحري، و زيادة في مستوى و وتيرة الإحتكاكات الرمادية”
وتُظهر تلك التطورات، انتقال الولايات المتحدة من مرحلة «الرصد والتحذير» في المواجهة البحرية مع إيران، إلى العمل المباشر. ورغم أن احتجاز ناقلة نفط خاضعة للعقوبات، يمثّل جزءاً من استراتيجية أميركية قديمة لممارسة «العقوبات الثانوية في البحر»، فإن تزامنه مع عمليات القوات الأميركية في المحيط الهندي، يشير إلى أن واشنطن تريد نقل رسالة إلى طهران، مفادها بأن إعادة تأهيل قدراتها العسكرية والصاروخية، حتى عن طريق الصين، تخضع للمراقبة الأميركية ويتمّ التصدّي لها؛ وكذلك البعث برسالة فرعية إلى بكين بأنها إذا واصلت تصدير البضائع الحسّاسة إلى إيران، فإن سفنها ستصبح هدفاً للعمليات الأميركية في عرض البحر. ومع إعادة تفعيل قرارات مجلس الأمن الدولي، ولا سيما 1803، 1929 و1737، في تشرين الثاني الماضي، بات في إمكان الحكومات تفتيش الشحنات المرسلة إلى إيران أو ذات المنشأ الإيراني، في حال الاشتباه بخرقها العقوبات. وتنسحب هذه الصلاحية على الموانئ والمياه الإقليمية وحتى مسارات الترانزيت، في حين لا يقتصر نطاقها على المواد العسكرية فقط، بل يشمل المواد ذات الاستخدام المزدوج والتكنولوجيا الحسّاسة. وبما أن عمليات التفتيش هذه تتم وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فإن البلد الذي يقوم بها، يستطيع تبرير إجراءاته في الإطار المذكور، وإضفاء «شرعية» دولية عليها وما قد يليها من احتجاز الشحنات أو مصادرتها.
في المقابل، تقرأ إيران في تلك التحرّكات ضغطاً متعدّد الطبقات: اقتصادياً (عبر إرباك صادرات النفط ومسارات الالتفاف على العقوبات)، وأمنياً (من طريق استهداف السلسلة اللوجستية الحسّاسة). ومع ذلك، يبدو أن أميركا تتصرّف بصورة انتقائية؛ إذ إن عدم إغلاق المسارات بشكل كامل، بل توجيه ضربات محدّدة فيها، من شأنه أن يخفض احتمالات الردّ الإيراني السريع والمباشر، وإنْ كان يرفع منسوب التصعيد مع الوقت، ويزيد من مخاطر سوء التقدير، لا سيما في حال اعتبرت طهران هذه الأعمال، توطئة لإجراءات أصعب. وفي تطوّر ذي صلة، أعلنت الجهات القضائية الإيرانية، السبت، توقيف ناقلة نفط أجنبية في بحر عمان، واحتجاز 18 من أفراد طاقمها بتهمة «نقل ملايين اللترات من الوقود المهرب». وكان اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعیل بقائي، تعليقاً على احتجاز الولايات المتحدة ناقلة نفط فنزويلية، أن «الادعاء الأميركي بارتباط السفينة بسوق النفط السوداء لا أساس له من الصحة»، مؤكداً أن «الإجراء الأميركي لا يستند إلى أيّ مبرّر قانوني أو شرعي في القانون الدولي»، بل هو «ممارسة للقوّة الغاشمة والغطرسة الممنهجة على الساحة الدولية».
على أيّ حال، يمكن لتبعات هذا المسار أن تُترجم هشاشةً في الأمن البحري، وزيادة في مستوى الاحتكاكات الرمادية ووتيرتها، ويدفع ربما إلى ردود فعل إيرانية غير مباشرة عن طريق حلفاء طهران الإقليميين أو عبر الإجراءات المتكافئة وغير المتكافئة. وإذ من شأن ذلك أن يصعّب أكثر فأكثر العودة إلى المفاوضات، فهو يهدّد بانتقال المواجهة البحرية من المستوى المتحكَّم به إلى التصادم المباشر، الذي قد لا يتحوّل بالضرورة إلى حرب واسعة، لكنه سيجرّ عدم استقرار مزمناً ومكلفاً لجميع الأطراف.
مرتبط