توسّع دوائر الضغط الأميركي: الفصائل ترفض «إلغاء دورها»
وكالة ميادين المقاومة
6 ساعات مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
دخل تشكيل الحكومة العراقية مرحلة حاسمة مع تصاعد الضغوط الأميركية على بغداد، ما أربك «الإطار التنسيقي» وفتح سباقا معقداً لإختيار رئيس وزراء يوازن بين الداخل والخارج.

أعـلاه | رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وإلى يمينه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال احتفال في “المنطقة الخضراء” في بغداد.
دخلت عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة مرحلة أكثر حساسية، في ظلّ تصاعد الضغوط الأميركية والدولية على بغداد، والذي جلّاه هجوم مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق، مارك سافايا، على فصائل المقاومة، واعتباره وجودها «خارج إطار الدولة» «تقويضاً للسيادة وخنقاً للاقتصاد». وأعاد هذا الموقف خلط الأوراق داخل «الإطار التنسيقي»، وعمّق الإرباك القائم أصلاً حول هوية رئيس الوزراء المقبل، خصوصاً أن حديث سافايا عن أن العراق يقف أمام لحظة حاسمة، وأنه «لا يمكن لأي أمة أن تنجح بوجود جماعات مسلحة تنافس الدولة»، ليس معزولاً عن سياق أوسع من الضغوط الأميركية، تبدو هذه المرّة مباشرة أكثر، ومدعومة برسائل ديبلوماسية وأمنية تتحدّث عن حماية البنية التحتية، وحصر السلاح، وربط الدعم الدولي بطبيعة الحكومة المقبلة.
وفي خضمّ ذلك، يجد «الإطار التنسيقي» نفسه أمام مهمّة معقّدة، تتمثّل في اختيار رئيس وزراء قادر على إدارة التوازنات الخارجية، من دون التفريط بثوابت قاعدته السياسية، وفي الوقت نفسه منع انزلاق البلاد إلى مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة. وعليه، ووفقاً لقياديين في «الإطار»، فإن الاجتماعات الأخيرة ركّزت على «مواصفات» رئيس الحكومة أكثر منها على الأسماء، وسط توافق مبدئي على ضرورة أن يكون الرئيس «شخصية غير تصادمية، وقادرة على طمأنة الخارج، من دون تقديم تنازلات تمسّ السيادة». ويصف القيادي في «التنسيقي»، محمد الفتلاوي، في حديث إلى «الأخبار»، «مهمة الإطار في هذه المرحلة بأنها دقيقة جداً، وتتمثّل في اختيار رئيس وزراء يراعي استحقاقات الداخل، ويحافظ على علاقات متوازنة مع الخارج، ويُبعد العراق عن سياسة المحاور». ويؤكد أن «الإطار يعمل بروح جماعية. ولا صحة لما يُشاع عن مشاركة قادة الفصائل المسلحة في اجتماعات اختيار رئيس الوزراء»، مضيفاً أن «القرار سياسي بحت، ويُتّخذ داخل الأطر المعروفة، وبما يخدم مصلحة الدولة».
“توافق مبدئي داخل «التنسيقي» على أن يكون رئيس الوزراء شخصية غير تصادمية”
لكن تلك «التطمينات» لا يبدو أنها تقنع الولايات المتحدة، التي أنبأت تصريحات القائم بأعمالها في بغداد، جوشوا هاريس، حول ضرورة حماية البنية التحتية ومنع هجمات الفصائل، بامتداد الضغط إلى ملف الطاقة والاستثمار. وفي هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية، حسن علو، أن تصريحات سافايا وهاريس «لا يمكن فصلها عن استراتيجية أميركية أوسع لإعادة ضبط دور الفصائل في العراق، ليس عبر المواجهة المباشرة، بل عبر تضييق سياسي واقتصادي تدريجي».
ويشير علو، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «واشنطن تدرك أن نزع سلاح الفصائل بالقوة غير ممكن في الظرف الحالي، لذلك تلجأ إلى سياسة الضغط المركّب: ربط الاستقرار والدعم الدولي بهوية الحكومة المقبلة، ودفع القوى السياسية إلى إنتاج قيادة تُمسك بملفّ الفصائل من داخل النظام». ويضيف أن «إيران حاضرة في هذا المشهد، لكنها بدورها لا تبدو معنيّة بتفجير الوضع العراقي، بل بإدارته ضمن سقف يمنع الانفجار الإقليمي».
وعلى الضفة المقابلة، ترفض فصائل المقاومة خطاب سافايا جملة وتفصيلاً؛ ويقول مصدر قيادي فيها، لـ«الأخبار»، إن «الفصائل والحشد الشعبي يمتلكان مع حلفائهما ما لا يقلّ عن 97 مقعداً نيابياً، وهما جزء أصيل من المعادلة السياسية، ولا يمكن تجاوزهما بتهديدات ديبلوماسية». ويشير المصدر إلى أن «واشنطن فشلت سابقاً في قمع المقاومة أو فرض تسليم السلاح، ولن تنجح اليوم عبر التصريحات»، مؤكداً أن «أيّ تهديد يستهدف العراق أو إيران سيُواجه فوراً، لأن المقاومة في حالة استنفار دائم، ويدها على الزناد تحسباً لأي متغيّر إقليمي يراد منه إلغاء دورها، سواء من قبل الولايات المتحدة أو الكيان الإسرائيلي». ويلفت إلى أن «شروط الفصائل واضحة، وهي رئيس وزراء غير تابع، وليس أميركي الهوى، ويمثّل البيت الوطني العراقي بكل مكوّناته».
وما بين الضغط الأميركي المتزايد، والإصرار الفصائلي على تثبيت معادلة «المقاومة داخل الدولة»، تذهب مصادر سياسية إلى ترجيح سيناريو «إدارة التوتر، لا تفجيره»، خصوصاً أن جميع الأطراف تدرك كلفة أيّ مواجهة مفتوحة، وتأخذ في الحسبان أيضاً استمرار التوتّر الإقليمي، من دون وجود أيّ أفق إلى الآن لإنهائه.
مرتبط