من مُعتَقل «سدي تيمان» إلى «عوفر»: معتقلو سوريا يقاسون… في الظلّ
وكالة ميادين المقاومة
7 ساعات مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
لا تقلّ قصص معتقلي سوريا في سجون الاحتلال، قسوةً، مقارنةً بغيرها من القصص، إلّا لناحية أن أحداً لا يتذكّرهم، بينما يتنقّل بهم السجّانون من معتقل إلى آخر.

يخضع المعتقلون السوريون لتحقيقات تستهدف إستكشاف «حالتهم الأمنية»
يستذكر الشاب السوري، علي، ما حصل معه قبل سبعة أشهر، بعد اعتقاله وقريبه من حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، أثناء مرورهما على طريق رسمتها حدود التوغّل الإسرائيلي بعد سقوط النظام، واقتيادهما إلى معتقل «سدي تيمان» سيّئ الصيت في صحراء النقب، والذي يبعد 30 كيلومتراً عن قطاع غزة. هناك، بحسب ما يقول الشاب، «مكثنا أربعة أشهر: لا أسئلة، لا تحقيق، لا استجواب، بل تعذيب وقهر نفسي، وعقوبات تتجدّد، وعزل في غرف منفردة»، قبل أن يضيف: «قد يكون تعذيباً طرياً، مقارنةً بأهالي غزة. لكن الثابت، أن الألم واحد. بعد ذلك، أسمعونا موسيقى عالية، اخترقت الضوضاء سمعي على مدى يوم ونصف يوم كاملَين». ثم يتذكّر: «التعذيب كان البقاء في وضعية القرفصاء لوقت طويل، والأيدي مقيّدة إلى الخلف، وقنابل صوتية، وأخرى كلامية تشتم الدين والعَرض. على هذه الحال بقيتُ أربع ساعات يوميّاً». يقاطعه قريبه بهاء، بالقول: «انتقلنا من سدي تيمان، إلى سجن عوفر (يقع جنوب بلدة بيتونيا القريبة من رام الله، وتأسّس في فترة الانتداب البريطاني، وفيه محكمة عسكرية ومركز توقيف، وقسم تحقيق تابع إداريّاً للمسكوبية) للتحقيق معنا. لم يبدأ التحقيق فوراً، بل سبقه إجهاد نفسي استمرّ لأكثر من 24 ساعة، ثم جلسنا بوضعية واحدة للتحقيق الذي استمرّ ساعات أمام المحقّق».
“يتعمّد العدو الإسرائيلي قياس منسوب توافق الأهالي مع السلطة الانتقالية”
وعن ذلك، يقول أحد المحامين، في حديث إلى «الأخبار»، إن «نقل المعتقلين من مكان إلى آخر، يستهدف السيطرة النفسية عليهم، وفرض واقع ترهيب يمهّد لانتزاع أجوبة منهم بأسهل طريقة»، مضيفاً أن «نقل معتقلين بشكل مباشر إلى مكان يُعدّ من أخطر المعسكرات بعد السابع من أكتوبر، يعني أن تعامل الاحتلال مع الحالات السورية ينطلق من عقلية أمنية بحتة أولاً، ويرتكز على تطبيق قانون «المقاتل غير الشرعي» الذي ينفي عنهم صفة أسرى الحرب، ويفتح الباب أمام تعذيب متواصل في سجون أخرى مثل عوفر». والتعذيب هذا بدت آثاره واضحة على كثيرين منهم، ومنهم إبراهيم ي ريف دمشق الغربي، الذي لا ينفكّ يضمّ يديه على معدته، معبّراً بذلك عن خوفه من أن يتكرّر اعتقاله من منزله مرّة أخرى، قبل أن يشفى من رحلة الاعتقال القصيرة الأولى. وفي أحد الصفوف الدراسية في الريف أيضاً، تقول معلّمة الطفلة ريم: «انزوت وأنا أشرح درساً عن برّ الوالدين، بينما جلس إلى جانبها أصدقاؤها، بعضهم فقد أباه في قصف النظام، والبعض الآخر في قصف إسرائيلي على البلدة». لكن ريم تبتسم كلّما تذكّرت رسالة أبيها مأمون التي وصلت بعد ستة أشهر من الغياب، مع معتقل أُفرج عنه أخيراً، وفيها «خبّر العيلة إنّي بخير… وخلّيهم يوفّوا الديون».
وفقاً لمصادر «الأخبار»، فإن المعتقلين السوريين يخضعون لتحقيقات تستهدف استكشاف «حالتهم الأمنية، والتثبّت من فرضية ارتباطهم بتنظيمات عسكرية، إلى جانب معرفة أسباب تواجدهم في المناطق التي تقع على تماس مع القواعد العسكرية التي استحدثها الاحتلال بعد سقوط النظام، والبالغ عددها تسع قواعد ممتدّة من قمم جبل الشيخ حتى درعا، تشكّل نقاط انطلاق التوغلات، ومنها يُنقل المعتقلون إلى الداخل المحتلّ، ويُفرج عنهم إليها كذلك، لتغدو عنواناً في الإدارة الأمنية المباشرة التي تطوّع البيئة والمجتمع معاً». والجدير ذكره، هنا، أن بعض تلك الأسئلة توجَّه أيضاً إلى المواطنين المارّين عبر نقاط التفتيش وأماكن جمع الاستبيانات، إلى جانب أسئلة أخرى عن مدى التوافق مع السلطة الانتقالية، والفروق بين النظامَين السابق والحالي، بالإضافة إلى الحاجات المادية التي أخذت تتزايد بفعل القصور المؤسسي، وتبعات الحصار الإسرائيلي الذي يهندس حركة السكان بتصاريح دقيقة بدأ العمل عليها منذ سقوط النظام.
مرتبط