الصحف الإيرانية: حرب غزّة تسببت بموجة عالمية من الكراهية ضدّ الكيان الإسرائيلي
وكالة ميادين المقاومة
ساعتين مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, منوّعات

اهتمّت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الاثنين 15 كانون الأول/ديسمبر 2025 بالحادثة في سيدني والتي ركزت عليها دون أن تعطي موقفًا حولها أو على قضية استغلال الكيان الصهيوني لها لأجل ممارسة الحرب المعرفية المستمرة لترويج قضية “مظلومية اليهود” في العالم.
كما اهتمّت الصحف بالتطورات العالمية وبالخصوص زيادة التسلح الأوروبي في ظل التوترات مع الولايات المتحدة الأميركية.
صدمة سيدني
بدايةً مع صحيفة “وطن أمروز” التي كتبت: “تحوّل احتفالٌ أُقيم أمس لمجموعة من “الإسرائيليين” وأنصار الصهيونية في أستراليا إلى حمام دم. وبحسب التقارير، استُهدفت مجموعة من اليهود كانوا يحتفلون بعيد “حانوكا” (الأنوار) على شاطئ بوندي في سيدني بإطلاق نار.
بحسب الصحيفة، استغل الصهاينة هذا الهجوم كفرصة لإعادة طرح تصوير اليهود كضحايا، وهي الإستراتيجية الرئيسية التي اتبعوها منذ الحرب العالمية الثانية لإقامة نظام في الأراضي المحتلة وارتكاب جرائم ضدّ الفلسطينيين. وقد صوّر مسؤولو النظام الهجوم على العيد اليهودي على أنه معاداة للسامية، بل واتهموا الحكومة الأسترالية بالسماح بتنظيم مسيرات احتجاجية ضدّ جرائم النظام الصهيوني في أستراليا. في الواقع، يسعى النظام الصهيوني إلى تحويل هذا الحادث إلى ذريعة لدول أخرى، ولا سيما الدول الغربية، لفرض قيود خاصة على أنشطة الحركات والجماعات المناهضة للصهيونية، وعلى منتقدي جرائم النظام الصهيوني وإبادته في غزّة. لذا، فإن أحد مشاريعه في هذا الشأن هو إحياء إستراتيجية تصوير اليهود كضحايا، ومواصلة إقناع الدول الأخرى بتقييد الأنشطة المناهضة لجرائم النظام الصهيوني. في غضون ذلك، وكما ذُكر، يسعى مسؤولو النظام الصهيوني ووسائل إعلامه، من خلال اتهام جبهة المقاومة، إلى تهيئة الظروف اللازمة لتكرار الجرائم ضدّ الشعب المظلوم في غزّة، أو ربما لبنان. ويأتي رد فعل نتنياهو على الهجوم على اليهود في سيدني في هذا السياق أيضًا.
وقالت الصحيفة إن الحرب المستمرة منذ عامين في غزّة تسببت في وصول موجة عالمية من الكراهية للنظام إلى ذروتها. لا تقتصر ردود الفعل العامة على الجرائم الصهيونية على الحكومات فحسب، بل يواجه السياح “الإسرائيليون” بشكل متزايد هجمات وردود فعل سلبية من جهات أخرى في الخارج.
وأشارت الى أن وكالة الأنباء اليهودية (JNS) ذكرت في تقرير لها أن معظم “الإسرائيليين” قلقون بشأن السفر إلى الخارج، وأن العديد منهم يغيرون وجهاتهم أو يلغون رحلاتهم بالكامل. والحقيقة هي أنه خلال العامين الماضيين، بالتزامن مع حرب غزّة، واجه السياح “الإسرائيليون” ردود فعل سلبية في العديد من الدول، بما في ذلك قبل شهرين عندما مُنعت سفينة تقل سياحًا “إسرائيليين” من الرسو في الموانئ اليونانية، وذلك لتزامن ذلك مع تجمع آلاف المواطنين اليونانيين في الميناء للمطالبة بمنع السياح الصهاينة من الدخول”.
ماراثون التسلح الفضائي
في المقابل، كتبت صحيفة “مردم سالاري”: “أدت إستراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة والتصريحات المثيرة للجدل الأخيرة لمسؤولي البيت الأبيض إلى حالة غير مسبوقة من الخوف في أوروبا، كما أن جهود البيت الأبيض لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية عبر تقديم تنازلات لكييف قد زادت من قلق قادة أوروبا. كذلك، أدت التوجّهات الحديثة نحو التسلح وتعزيز الجيوش العالمية والأوروبية إلى خلق عصر من التنافس الحديث على التسلح بين الدول. وفي هذا السياق، تستثمر القوى الكبرى مليارات الدولارات في الأقمار الصناعية والصواريخ الاعتراضية والتقنيات الإستراتيجية، وتُجري الدول الأوروبية تغييرات سريعة في إستراتيجياتها الفضائية في خضم المنافسة العالمية والمخاطر التكنولوجية الجديدة.
ووفق الصحيفة، تستثمر ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا مليارات الدولارات في الأقمار الصناعية والدفاع والبنية التحتية للإطلاق، وفي جميع أنحاء أوروبا، توسع وكالات الفضاء إستراتيجياتها لدمج العلم بالأمن. تستثمر دول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا في الأقمار الصناعية والدفاع وقدرات الإطلاق لحماية أصولها، وزيادة قدرتها التنافسية، والتصدي للتهديدات الناشئة من الفضاء. يأتي التركيز على الدفاع في وقتٍ تُحدّ فيه اضطرابات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والصواريخ الحركية الجديدة والاعتماد على أنظمة الإطلاق الخارجية من وصول أوروبا إلى الفضاء.
وتتابع “بشكل عام، في ظل الوضع الراهن، دخل سباق التسلح في القطاعات النووية والفضائية وقطاع الطائرات المسيّرة في حالة تسارع شديد، وتتّجه البشرية، رغم إنجازاتها العلمية والرقمية المتميّزة، نحو خطر الغزو بأسلحة تجمع بين براعة الإنسان، والذكاء الاصطناعي، والعلوم النووية، والليزر، والصناعات الميكروبية. وفي المستقبل القريب، ستكون هذه الأسلحة بمثابة شوكة في حلق الإنسان في الألفية الثالثة”.
إستمرار إدعاءات ترامب
صحيفة “رسالت” كتبت بدورها: “أعادت تصريحات دونالد ترامب الأخيرة، التي قال فيها استخدمنا طائرات B2 ودمرنا القدرات النووية الإيرانية، إحياء النقاش القديم والفعّال حول الحرب التصورية وصناعة الواقع السياسي على مستوى النظام الدولي. وادّعى ترامب في تصريحه هذا القضاء على قدرة إيران المحتملة على امتلاك أسلحة نووية. وتواجه هذه التصريحات تناقضات خطيرة وساخرة في الساحة الدولية من منظورين تحليلي ووصفي.
أول ما يتبادر إلى الذهن عند النظر في هذا الادّعاء هو تركيز ترامب على تدمير القدرات النووية الإيرانية المحتملة. فكلمة “محتملة” بحد ذاتها تُظهر بوضوح أنه يتحدث عن وضع افتراضي ومحتمل، وليس عن واقع موضوعي وقابل للقياس. ومن منظور منطق السياسة الدولية، فإن الادّعاء بتدمير القدرة المحتملة يعني أن الولايات المتحدة لم تستهدف مركز تخصيب فعلي أو بنية تحتية مادية، بل قضت ظاهريًا على إمكانية تطوير إيران لبرنامجها النووي؛ وهو ادعاء ينطوي على نوع من المفارقة والسخرية. لو حدث مثل هذا الإجراء على أي مستوى، لكانت واشنطن وحلفاؤها قد طالبوا بشدة وبسرعة بتوضيح فني من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وباشروا على الفور مفاوضات جديدة”.
وتابعت “في الواقع، يتفاعل النظام الدولي فورًا مع أي تغيير حقيقي في الوضع النووي الإيراني. لذا، فإن الصمت النسبي للمؤسسات الرسمية، وحتّى حلفاء الولايات المتحدة، إزاء هذا الادّعاء هو خير دليل على عدم واقعيته ودعايته. أما النقطة الثانية، والأهم، فهي الطبيعة المعرفية لهذا التصريح. لا يمكن تحليل تكرار ترامب لمثل هذه التصريحات بمجرد كونه مجرد حماس سياسي غير منتظم. ينبغي اعتبار هذا التكرار المنهجي والهادف جزءًا من الحرب المعرفية الأميركية ضدّ إيران؛ حرب تستهدف بشكل مباشر الرأي العام الإيراني”.
في هذا السياق، لا يُثار الادّعاء بتدمير القدرات النووية الإيرانية بقصد التوعية أو حتّى التهديد الحقيقي، بل لبثّ شعور بالعجز ويأس وطني. هذا التهويل هو تحديدًا ما يُعرّف في عقيدة الحرب المعرفية بأنه تغيير في التصور الجماعي للأمة عن قوتها ومستقبلها.
وبحسب الصحيفة، رغم أن هذا النوع من الحرب المعرفية قد يُحدث آثارًا نفسية أو إعلامية قصيرة الأجل، إلا أن الواقع على الأرض وبيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية تُظهر أن القدرات العلمية والتقنية الإيرانية في مجال التكنولوجيا النووية لا تزال قائمة وتواصل مسارها القانوني. في نهاية المطاف، ينبغي النظر إلى تصريحات ترامب على أنها استعراض سياسي وإعلامي موجه للاستهلاك المحلي للولايات المتحدة وحلفائها؛ محاولة لإحياء صورته المعادية لإيران. ورغم أن هذا الاستعراض صاخب من منظور إعلامي، إلا أنه من منظور الواقع على الأرض ومنطق العلاقات الدولية، ليس إلا سخرية سياسية سخيفة”.
مرتبط