أكبر عملية «انتقامية» منذ سنتين: لعنة «إبادة غزة» تلاحق يهود العالم!
وكالة ميادين المقاومة
ساعتين مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
جاءت عملية إطلاق النار في سيدني لتختزل سنوات من الغضب المتراكم إزاء المجتمعات اليهودية في أستراليا، والذي أتت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة لتسعّره، وتحوّله من مجرّد شعور إلى فعل ثأر.

لم يكن مُستغرباً شنّ القادة الإسرائيليين حملة على السلطات الأسترالية!
حتى مساء أمس، بلغ عدد القتلى في عملية إطلاق النار التي استهدفت احتفالاً بعيد «الحانوكا» (الأنوار) اليهودي، في منطقة «بوندي بيتش» في مدينة سيدني الأسترالية، 12 قتيلاً، من بينهم أحد مطلقي النار بحسب بعض التقارير. وطبقاً للشرطة الأسترالية، فإنّ المشتبه به الثاني يرقد حالياً في المستشفى في «حال حرجة»، فيما التحقيقات جارية للتأكّد من وجود «مهاجم ثالث». وإلى جانب القتلى، سُجّل سقوط نحو 29 جريحاً نُقلوا إلى المستشفيات، فضلاً عن آخرين أُسعفوا في مكان العملية التي سرعان ما تمّ تصنيفها على أنّها «عمل إرهابي».
وعلى الأثر، دعا رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، كبار الوزراء إلى اجتماع للجنة الأمن القومي، فيما تحدّثت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونغ، مع نظيرها الإسرائيلي، جدعون ساعر، الذي استغلّ الحادثة لتصعيد انتقادات إسرائيل للحكومة الأسترالية التي يقودها «حزب العمل»، معتبراً أنّ الأخيرة يجب أن «تعود إلى رشدها» في ما يتعلّق بمحاربة «معاداة السامية»، بعدما تلقّت الكثير من «التحذيرات» في هذا الشأن. ووصف ساعر، عملية إطلاق النار بأنّها نتيجة «هياج معادٍ للسامية في شوارع أستراليا، في أثناء العامين الماضيين»، كانت من بين مظاهره «هتافات احتجاجية من مثل تلك التي تدعو إلى عولمة الانتفاضة».
بدوره، رأى رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أنّ «ما حدث في أستراليا بشع»، مضيفاً أنّ «الطريقة الوحيدة لهزيمة معاداة السامية هي مواجهتها كما نفعل في إسرائيل». وتابع: «سنواصل القتال ولن نسمح لمعاداة السامية بإيقافنا»، واصفاً «معاداة السامية» بـ«السرطان الذي ينتشر عندما يصمت القادة»، معتبراً أنّ العملية الأخيرة هي «نتاج لتوقّف القادة عن مواجهة معاداة السامية».
على الضفة نفسها، أشار بني غانتس، من المعارضة الإسرائيلية، إلى أنّ الهجوم يأتي في أعقاب «صرخات الإبادة الجماعية التي تدعو إلى تدمير إسرائيل»، وهجمات الحرق المتعمّدة الأخيرة للمعابد اليهودية، زاعماً أنّ «السلطات الأسترالية فاتتها التحذيرات، ويجب عليها اتخاذ إجراءات غير مسبوقة لحماية المجتمعات اليهودية». كما اعتبر السفير الإسرائيلي لدى أستراليا، أمير ميمون، أنّ «المؤشرات كانت واضحة»، لافتاً إلى أنّ «هذا الهجوم يأتي في أعقاب تصاعد حادّ في حوادث معاداة السامية». أمّا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فوصف الهجوم بأنه «مروّع»، و«معادٍ للسامية».
وكانت أستراليا شهدت حوادث أخرى مشابهة، شملت، بالإضافة إلى إحراق المعابد، إحراق المدارس والمؤسسات اليهودية الأخرى، ونصب سيارات مفخّخة بالقرب من مثل تلك المعالم، في حوادث بلغت أعلى مستوياتها المسجّلة على الإطلاق في أثناء العام الماضي. ويُضاف إلى ذلك، انتشار رسوم «الغرافيتي» المعادية لليهود على الجدران والسيارات، جنباً إلى جنب إعلان السلطات، في شباط الماضي، توقيف ممرّضتين في إحدى مستشفيات سيدني عن العمل، على خلفية تهديدهما بقتل مرضى يهود ورفض علاجهم في مقطع فيديو على «تيك توك». وفي كانون الأول 2024، تعرّض منزل الرئيس السابق لمجلس النواب اليهودي، للتخريب عبر غرافيتي «معادٍ للسامية».
كذلك، أفاد المدير العام لـ«المجلس التنفيذي ليهود أستراليا»، أليكس ريفتشين، بأنّ «مؤسسات يهودية غُطّيت بالصليب المعقوف»، فيما كانت الحالات الأكثر شيوعاً هي الاعتداءات اللفظية، بما فيها «الشتائم العنصرية والمضايقات والترهيب، وهتافات (هايل هتلر) وأداء التحية النازية»، مشيراً إلى أنّ «المسؤولين عن هذه الأفعال يأتون من مختلف أطراف الطيف السياسي في أستراليا، أي من اليمين المتطرّف واليسار المتطرّف والجريمة المنظمة وتوجيه إيراني وغيرها».
“اتّهم مسؤولون أمنيّون إسرائيليون إيران بالوقوف خلف الهجوم”
وفي ضوء ذلك، لم يكن مستغرباً شنّ القادة الإسرائيليين حملة على السلطات الأسترالية، التي كانت الحكومة الإسرائيلية قد حمّلتها، في وقت سابق، مسؤولية جعل البلاد «بيئة غير آمنة لليهود»، علماً أنّ «حزب العمل» الحاكم كان قد اتخذ، في غير محطة، جملة من الإجراءات التي أزعجت تل أبيب، بما فيها التراجع، عام 2022، عن قرار الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، الذي كانت قد أعلنت عنه الحكومة المحافظة السابقة، والدعوة إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الى قطاع غزة.
على أنّ الحكومة الأسترالية، دأبت في بعض المحطات، على اتهام إيران بالوقوف خلف عدد من الهجمات، فيما نقلت بعض وسائل الإعلام عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين توجيه الاتهام إلى إيران في ما يتعلّق بهجوم الأمس. ووفقاً لـ«قناة i24» الإسرائيلية، فإنّ «جهات أمنية إسرائيلية بما في ذلك الموساد تشارك في التحقيق في الهجوم»، مشيرة إلى أنه «في هذه المرحلة: التحقيق أوّلي ويتمّ فحص جميع الاحتمالات، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الحديث يدور عن تنظيم محلّي، أم أنّ إيران وحزب الله يقفان وراء المنفّذين». وأضافت القناة أنه «في أثناء الأشهر الأخيرة — نُقلت تحذيرات بشأن بنى تحتية إرهابية في أستراليا، بما في ذلك بنى تحتية إيرانية». ومن جهته، نقل موقع «واللا» عن مصدر إسرائيلي، إشارته إلى أنه «من المبكر القول إنّ إيران تقف خلف عملية إطلاق النار في سيدني».
إلا أنّه طبقاً لجملة من الاستطلاعات التي أجرتها مؤسسات يهودية، فإنّ النمط المشار إليه من العمليات شهد – تحديداً في أستراليا – قفزة غير مسبوقة على خلفية المجازر الإسرائيلية التي ارتُكبت في أثناء العامين الماضيين.
بالأرقام
في السياق، كشف التقرير السنوي لمجموعة «جي – 7»، حول تصاعد معاداة السامية لعام 2025، أنّ أستراليا شهدت زيادة بمقدار أربعة أضعاف في الحوادث المعادية للسامية الموثّقة في عام 2024، وهو الارتفاع الأكثر حدّة بين البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية التي تتوفّر عنها بيانات. والجدير ذكره أنّ التقرير يجمع إحصائيات من المنظمات الأعضاء في فريق عمل «جي – 7»، وهو تحالف عالمي تمّ تشكيله في عام 2023 ويضمّ «رابطة مكافحة التشهير» (ADL) في الولايات المتحدة، والمجموعات الشريكة في المملكة المتحدة وأستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا والأرجنتين.
ورغم أنّ الولايات المتحدة شهدت أعلى عدد من الحوادث، بـ9 آلاف و354 حادثة في عام 2024، فقد سجّلت أستراليا الزيادة النسبية الأكثر دراماتيكية، بعدما ارتفعت الوقائع «المعادية للسامية» المبلّغ عنها فيها من 495 إلى 2062. وفي خضمّ المستويات القياسية من تلك الحوادث، سلّطت دراسة استقصائية أجرتها «حركة مكافحة معاداة السامية (CAM)» الضوء على ما سمّتها «حال الطوارئ التي تواجهها البلاد حالياً»؛ ووجد الاستطلاع، الذي شمل ألف مشارك من جميع أنحاء أستراليا، في المدّة الممتدة ما بين 27 حزيران و1 تموز، أنّ أقلّ من ربع الأستراليين (24%) يصفون المواقف العامة تجاه الشعب اليهودي في أستراليا بـ«الإيجابية».
بالمثل، وثّق تقرير «نشره المجلس التنفيذي» ليهود أستراليا (ECAJ)، 1,654 حادثة «معادية للسامية» بين 1 تشرين الأول 2024 و30 أيلول 2025، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف المستوى المتوسّط في السنوات التي سبقت هجوم 7 أكتوبر، وإن كان يمثّل انخفاضاً يقارب الـ20% مقارنة بالأشهر الاثني عشر التي سبقت المدّة التي شملها التقرير. وبحسب هذه الدراسة، فإنه «رغم أنّ اليسار السياسي المتطرّف لم يكن لديه سبب لرفض الهوّية أو الوجود اليهودي تقليدياً، فإنه الآن يشوّه الصهيونية – العلامة الفارقة للهوّية اليهودية الحديثة – باعتبارها استعماراً وأبارتهايد وإبادة جماعية، وبالتالي خطيئة لا تُغتفر». وعلى عكس تقارير مماثلة نُشرت في دول أخرى، لا يفصل «المجلس التنفيذي ليهود أستراليا» بين الحوادث المرتبطة بإسرائيل أو بالصهيونية وبين الحوادث «المعادية لليهود» الذين يعيش نحو 118 ألفاً منهم في أستراليا.
ويخلص التقرير إلى أنّ العنصرية ضدّ اليهود «خرجت من هوامش المجتمع» وأصبحت جزءاً من التيار السائد، أي في «وضع يتمّ فيه التطبيع معها، ويسمح لها بالتطور والانتشار، مع تعزيز حضورها في الجامعات وفي فضاءات الثقافة والفن وفي النظام الصحي وأماكن العمل ومجالات أخرى»، ممّا يهدّد «مستقبل اليهود في أستراليا».
وتعقيباً على ما تقدّم، اعتبرت المبعوثة الخاصة لحكومة أستراليا لمكافحة معاداة السامية، جيليان سيغل، أمس، أنّ العملية الأخيرة لم تحدث «من دون إنذار مسبق»، معتبرةً أنّه «في أستراليا، بدأ الأمر في 9 تشرين الأول 2023 في دار أوبرا سيدني». كما هاجمت المبعوثة «التظاهرات المؤيّدة للفلسطينيين التي جرت في المكان، والتي سُمعت خلالها هتافات معادية للسامية»، وذلك بعد يومين فقط من عملية «حماس». وأضافت: «بعد ذلك شاهدنا مسيرة على جسر ميناء سيدني، رُفعت خلالها أعلام إرهابية وتمّ تمجيد قادة متطرّفين. والآن وصل الموت إلى شاطئ بونداي، معتبرةً أنّ «هذه ليست أستراليا التي نعرفها، وليست أستراليا التي يمكننا قبولها».
مرتبط