باسْم رائد سعد.. مبتدع «الياسين 105»
وكالة ميادين المقاومة
ساعتين مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
من بلدة حمامة إلى قطاع غزة، ومن الحجارة إلى التصنيع العسكري، تختصر سيرة رائد سعد مسار قائد شكّل وجدان «كتائب القسام» وعقيدتها القتالية.

العدو أطلق اسم “العشاء الأخير” على عملية اغتيال رائد سعد!
نشأ كثيرون ممن يعيشون في قطاع غزة اليوم، خصوصاً أولئك القريبين من بيئة المقاومة، على اسم رائد سعد، القيادي الكبير في «كتائب القسام» الذي أغلقت إسرائيل، أول من أمس، حساباً معه امتدّ على مدار 20 عاماً. عقدان كان خلالهما إحدى الشخصيات المحورية التي يُنسب إليها الفضل في صناعة الأجيال المتعاقبة في «القسام»، وقيادة التحوّلات النوعية في تكتيكات المقاومة وأساليبها. بقي ابن بلدة حمامة المولود عام 1972، حتى إلى ما قبل اغتياله بدقائق، يسابق الزمن في إعادة ترميم صفوف المقاومة والعبور بها في هذا الظرف الصعب الذي خلّفته الحرب.
حين تحدّثت «الأخبار» مع عدد من رفاقه وأصدقائه المقرّبين على هامش مراسم تشييع جثمانه، أمس، بدا واضحاً قدر الفراغ الذي سيتركه «أبو معاذ». فهو، بحسب قول أحد المقرّبين منه، لـ»الأخبار»: «رفيق البدايات الذي لا يتعب، والذي بدأ مشواره النضالي منخرطاً في صفوف شبان الحجارة في الانتفاضة الأولى عام 1987، وعايش جيل القادة الأوائل، ومنهم عماد عقل ويحيى عياش وصلاح شحادة، وكان واحداً من صُنّاع ومطوّري التكتيكات القتالية. منذ التسعينيات وحتى الانتفاضة الثانية عام 2000، ظلّ الرجل متوارياً مُطارداً يعيش كل يوم من أيامه وكأنّه اليوم الأخير». ويضيف المتحدّث أن «الشيخ أبو معاذ شخصية نادرة جداً. هو الرجل الصامت الهادئ. دائم التطوّر والدراسة والبحث والعمل. نذر كل دقيقة من أوقاته للدفاع عن شعبه». في واحد من التسجيلات النادرة، ظهر أبو معاذ خطيباً في إحدى الفعّاليات العسكرية للمقاومة. هو رجل عظيم البنية، يملك كاريزما قيادية لافتة، وأداء خطابياً ممزوجاً بنبرة صوت تخترق القلب. تساءل في ذلك الخطاب: «مَن لبيت المقدس الذي فتحه الفاتحون؟» ليجيب: «إننا نقول بكل ثقة بربّنا، نحن له إن شاء الله. فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبّروا ما علوا تتبيراً».
“الإسرائيليون يُقِرّون بأن اغتيال سعد أو حتى عز الدين الحداد، لن يكون نهاية المطاف”
في صفوف «القسام»، يُعرف سعد بأنه واحد من القادة الأكثر تأثيراً على الصعد: النفسي والوجداني والعملياتي. فقد قاد على مدار سنوات طويلة لواء «كتائب القسام» في غزة، وهو أحد أكبر ألوية الكتائب، ثمّ انهمك سنوات في بناء قوات النخبة، وقيادة ركن العمليات، قبل أن يتفرّغ لقيادة ركن التصنيع العسكري، ويؤدّي دوراً بارزاً في تحوّل «القسام» من الإعتماد على تهريب السلاح، إلى صناعة المقدّرات العسكرية محلياً. كما يُنسب إليه الفضل في بناء فرقِ دراسةِ تصنيع قذيفة «الياسين 105»، ثمّ تحديدِ خطوطه والشروع فيه، علماً أن القذيفة المُشار إليها كان لها السهم الأبرز في معركة «طوفان الأقصى». كذلك، لعب دوراً مماثلاً في بناء منظومات الصواريخ القصيرة المدى، ويتّهمه جيش الاحتلال بتشكيل وتدريب وحدات الضفادع البشرية التي تمكّنت من اقتحام قاعدة «زيكيم» البحرية يوم السابع من أكتوبر 2023.
خلال عامَي الحرب، ارتبط اسم سعد في الأوساط الإسرائيلية بالتخطيط لعملية «طوفان الأقصى»، إذ يُرجّح أنه ساهم في رسم الخطط الدقيقة للهجوم المفاجئ، بتنسيق بين الوحدات البرية والبحرية والجوية، وشارك في مجلس عسكري محدود ضمّ محمد الضيف ومروان عيسى ويحيى ومحمد السنوار، وذلك وفقاً لمعلومات استخباراتية إسرائيلية. أصبح سعد، بعد إغتيال معظم أعضاء المجلس العسكري لـ»القسام» خلال الحرب، الرجل الثاني في «كتائب القسام». وكان أعلن جيش الاحتلال «نجاحه» في اغتياله عدة مرات، علماً أن إسمه ظلّ منذ عام 2006 على رأس قائمة المطلوبين، ونجا من أربع محاولات اغتيال عامي 2014 و 2021 ومحاولتين خلال حرب الإبادة.
صباح أول من أمس، أعلن العدو نجاح عملية اغتياله في عملية أطلق عليها اسم «العشاء الأخير»؛ إذ قضى الرجل برفقة 3 من معاونيه، في استهداف من طائرة مُسيّرة لسيارة مدنية كان يتنقّل فيها في شارع الرشيد غرب مدينة غزة. ومن ثمّ، أعلنت «كتائب القسام» رسمياً إستشهاده بعد «مسيرة جهادية حافلة بالعطاء»، فيما شيّعه عشرات الآلاف من المواطنين في جنازة مهيبة جابت شوارع مخيم الشاطئ ومدينة غزة.
ورغم الخسارة الكبيرة التي مُنِّيَت بها المقاومة، فإن الإسرائيليين يُدركون أن اغتيال سعد أو حتى عز الدين الحداد نفسه، لن يكون نهاية المطاف؛ إذ علّق مراسل «القناة 14» العبرية، تمير موراغ، على عملية الاغتيال بقوله: «حتى بعد اغتيال رائد سعد، وحتى لو جرى اغتيال عز الدين الحداد، وهو القائد الرقم 1 في القسام، فهذا لا يعني نهاية حماس في غزة، ولا يجوز أن نخدع أنفسنا. لا يزال لدى التنظيم احتياطي قيادي واسع، حتى وإن كان مُكوّناً من أسماء أقل شهرة. كما يوجد آلاف المسلّحين والكثير من المعدات العسكرية».
مرتبط