أخبار عاجلة

تصعيد حرب التجويع: واشنطن تقرصن النفط الفنزويلي

في مستوى جديد من التصعيد ضدّ كاراكاس، اختطفت البحرية الأميركية ناقلة نفط مدنية قبالة سواحل فنزويلا واقتادتها إلى جهة مجهولة.

الناقلة المُستهدفة كانت تمارس حقّاً سياديّاً في نقل الموارد الطبيعية إلى دولة مستقلّة..

بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس دونالد ترامب، إغلاق الأجواء الفنزويلية، انتقلت آلة الحرب الأميركية إلى البدء بفرض حصار بحري موازٍ، وذلك بتنفيذ القوات الأميركية عملية قرصنة بحرية متكاملة الأركان، لا يمكن عدّها إلا انتهاكاً صارخاً لحرية الملاحة والتجارة. وبأسلوب استعراضي مبتذل، نشرت المدّعية العامة للولايات المتحدة، بام بوندي، مقطع فيديو يوثّق لحظة هجوم القراصنة الأميركيين على ناقلة نفط فنزويلية، حيث تَظهر مروحيات عسكرية تحوم فوق الناقلة، بينما يقوم جنود مدجّجون بالسلاح بملابس مموّهة بالإنزال بالحبال على سطحها، وكأنهم يقتحمون ثكنة عسكرية، لا سفينة تجارية مدنية.

والناقلة المُستهدفة، والتي كشف مسؤولون أميركيون للصحف أنها تحمل اسم «سكيبر»، لم تكن تمثّل تهديداً عسكريّاً، بل كانت تمارس حقّاً سياديّاً في نقل الموارد الطبيعية إلى دولة مستقلّة. إلّا أن واشنطن، التي تشدّد الخناق على النظام البوليفاري في كاراكاس بغرض إسقاطه واستبداله بنظام موالٍ، قرّرت مصادرة السفينة وحمولتها التي تُقدّر بنحو 1.9 مليون برميل من النفط، في عملية سطو علني مسلّح تهدف إلى تخويف الخطوط البحرية من خدمة الموانئ الفنزويلية، وحرمان الشعب الفنزويلي من عوائد ثروته الوطنية.

وأثبت تحليل صور الأقمار الاصطناعية وصور فوتوغرافية أخرى، أن السفينة كانت راسية بالقرب من ميناء «خوسيه» النفطي الفنزويلي، حيث ظهرت غاطسة بعمق في المياه، ما يدل على امتلائها الكامل بالنفط الخام. وفي المقابل، اتّهمت مصادر في واشنطن طاقم السفينة باستخدام تقنية «تزييف الموقع» – الذي هو تكتيك بقاء اضطراري تلجأ إليه الشعوب المحاصَرة لحماية تجارتها البحرية من القرصنة الأميركية -، وذلك في محاولة لتبرير عملية الخطف عبر ربط الناقلة بما تسمّيه «أسطول الظلام»، في إشارة إلى السفن التي تتجرّأ على تحدّي العقوبات الأحادية. وبحسب مزاعم أميركية، فإن «سكيبر» نقلت ما يقارب 13 مليون برميل من النفط الإيراني والفنزويلي منذ عام 2012، بما فيها شحنة من النفط الإيراني إلى سوريا في عام 2024 قبل سقوط النظام، وعدة شحنات إلى الصين، فيما تحاول الآن نقل النفط الفنزويلي؛ علماً أن السفينة مُدرجة، منذ عام 2022، في لائحة العقوبات الأميركية التي تستهدف جهات تتعامل مع «الحرس الثوري الإيراني» و»حزب الله».

“السفينة المُقرصنة مُدرجة، منذ عام 2022، في لائحة العقوبات الأميركية”

وجاءت عملية القرصنة هذه لتكمل فصول استراتيجية التصعيد التي بدأتها إدارة دونالد ترامب، اعتباراً من أيلول الماضي، بتصنيف الحكومة الفنزويلية كـ»منظمة إرهابية» تحت مسمّى «كارتل الشموس». وهي أعقبت أيضاً تصريحات وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، حول الرغبة في خفض أسعار النفط عبر السيطرة على الموارد الفنزويلية. وهكذا، وبينما تتحدّث واشنطن عن «نشر الديمقراطية» و»مكافحة المخدّرات»، تقوم قواتها الخاصة بالاستيلاء على ثروة الفنزويليين الوطنية، في تكرار لسيناريوات نهب النفط السوري والعراقي والليبي.

وبدمج حادثة الناقلة «سكيبر» مع الحشد الأميركي العسكري الضخم قبالة السواحل الفنزويلية وعبر الكاريبي، والقرار التعسّفي بإغلاق المجال الجوي لهذا البلد، يتّضح أنّ كاراكاس أضحت أمام «كماشة» حصار استراتيجي خانق: وقف الملاحة الجوية ومنع شركات الطيران من الوصول إليها لعزلها سياسيّاً وإنسانيّاً، ونشر الأساطيل وخطف الناقلات لمنع تصدير النفط، المصدر الرئيس للدخل القومي للجمهورية البوليفارية، وذلك بهدف تجفيف الموارد المالية للدولة والتسبّب في انهيار اقتصادي داخلي. ويقول خبرا،ء إن هذا التصعيد المستجدّ يجلّي عزم إدارة ترامب على خلق ظروف معيشية لا تُطاق، تدفع الجيش الفنزويلي إلى الانقلاب على الرئيس نيكولاس مادورو، أو تبرّر تدخّلاً عسكريّاً أوسع تحت ذريعة «الحرب على الناركو (المخدّرات)».

وفي صورة أعمّ، ثمّة ما يشاع في أوساط متخصّصة بالنقل البحري، عن أن النفط الذي صادرته البحرية الأميركية كان متّجهاً غالباً إلى الأسواق الآسيوية (الصين تحديداً)، ما يجعل هذه القرصنة عدواناً غير مباشر على أمن الطاقة العالمي، وعلى الشركاء التجاريين لفنزويلا. وإذا كان اختطاف الناقلة «سكيبر» يمثّل انتصاراً تكتيكياً ومادة دعائية لحملة ترامب، لكنه استراتيجياً يعزّز قناعة فنزويلا وحلفائها ودول العالم الساعية إلى الاستقلال، بضرورة بناء نظام مالي وتجاري بديل، بعيداً من سطوة الدولار وعربدة الأساطيل الأميركية.

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

«الوحدة النسائية» في حزب اللّٰه تنطلق رسمياً: نحو تنظيم الدور وتوحيد الجهود

بعد سنوات طويلة من العمل النسائي في مؤسسات حزب الله وهيئاته، أُعلن اليوم عن انطلاق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *