حقول النفط ساحةً للحرب: «الدعم» تفعّل السلاح الاقتصادي
وكالة ميادين المقاومة
4 أيام مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
يدفع تمدّد «الدعم السريع» نحو هجليج بالصراع السوداني إلى طورٍ اقتصادي خطِر، فيما تكشف تفاهمات جنوب السودان والبرهان انسحاباً منظّماً لقوات الأخير، بهدف حماية الحقول النفطية وسط انهيار أمني وتراجع استثماري.

اتهمت «الدعم السريع» الجيش السوداني بقصف حقل هجليج، وذلك بعد يوم واحد من إعلانها السيطرة على الحقل!
أدّت تفاهمات مشتركة بين رئيس «مجلس السيادة» السوداني، عبد الفتاح البرهان، والرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت، إلى سحب الجيش السوداني قواته من مقر «اللواء 90» التابع لـ«الفرقة 22» في منطقة هجليج النفطية، إلى داخل حدود جنوب السودان. ويأتي هذا التطور عقب دخول قوات «الدعم السريع» إلى منطقة هجليج الاستراتيجية وإعلانها السيطرة عليها، في تصعيد ميداني لافت من جانبها، رغم إعلان قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أواخر تشرين الثاني الماضي، هدنة أُحادية لمدة ثلاثة أشهر.
وفيما أعلن جيش دفاع جنوب السودان استقباله مجموعة من الجنود والضباط السودانيين في إدارية روينق، أكّد مساعد رئيس هيئة الأركان في الجيش نفسه، في تصريحات صحافية، أن القوة المنسحبة التابعة للجيش السوداني «انسحبت بكامل عتادها العسكري»، مشيراً إلى أن عملية الاستقبال جاءت بناءً على «توجيهات من الرئيس سلفاكير»، وبعد تفاهمات مباشرة مع رئيس «مجلس السيادة» السوداني. وفي المقابل، لم يصدر أي تعليق رسمي عن الجيش السوداني على عملية الانسحاب، علماً أن هجوم «الدعم السريع» الأخير في هجليج، يُعدّ امتداداً لعملية مسلحة كانت القوات نفسها قد نفّذتها في 13 تشرين الثاني الماضي، وأسفرت حينها عن مقتل ثلاثة من عمال الحقول النفطية وإلحاق أضرار بمختبر المعالجة المركزية.
ويبدو أن التفاهمات المشتركة بين السودان وجنوب السودان، تهدف، بالدرجة الأولى، إلى حماية المنشآت النفطية؛ إذ باشر الجيش الشعبي الجنوب سوداني، أمس، نشر قواته داخل حقل هجليج النفطي، تنفيذاً للاتفاق بين الطرفين. وبحسب مصدر مطّلع، تعتزم جوبا إرسال طواقم فنية لتشغيل الحقل مؤقّتاً، إلى حين عودة الفنيّين السودانيين الذين جرى إجلاؤهم إلى مناطق آمنة قبل يومين من دخول قوات «الدعم السريع».
والجدير ذكره، هنا، أن حقل هجليج الذي يقع في ولاية غرب كردفان قرب الحدود مع دولة جنوب السودان، ويبعد نحو 45 كيلومتراً غرب منطقة أبيي المتنازع عليها، يُعدّ من أغنى المناطق النفطية في السودان؛ إذ يرتبط بخط أنابيب يصل إلى مصافي الخرطوم والأبيّض، وصولاً إلى ميناء بشائر على البحر الأحمر. كما يضمّ محطة الضخ الرئيسة التي تنقل نفط السودان وجنوب السودان، إضافة إلى محطة المعالجة المركزية وخزانات النفط الخام، ما يجعله محطة رئيسة في عمليات ضخّ النفط وتكريره، بما في ذلك لدولة جنوب السودان التي تعتمد كلياً على المحطة في جميع عملياتها النفطية، الأمر الذي يجعل أيّ ضرر يلحق بها ذا تداعيات اقتصادية جسيمة على جوبا.
ويرى مراقبون أن سيطرة «الدعم السريع» على منطقة هجليج، من شأنها نقل الصراع من المستوى العسكري الميداني إلى المستوى الاقتصادي، وذلك عبر استهداف موارد الدولة الحيوية، في خضمّ حرب تشارف أن تنهي عامها الثالث في نيسان المقبل. ولم يستبعد المراقبون وجود أطراف خارجية ترسم الخطط لـ«قوات الدعم السريع» وتوجّه تحرّكاتها وعملياتها على الأرض، ولا سيما بعد مطالبة المتحدّث باسمها، في بيان رسمي، الحكومة، بمراجعة الاتفاقيات النفطية في ضوء «المتغيّرات الحالية».
وفي سياق متصل، أعلنت «شركة البترول الوطنية الصينية» (CNPC) إنهاء استثماراتها النفطية في السودان بعد نحو 30 عاماً من الشراكة، وذلك على خلفية التدهور الأمني في الحقل الذي تديره الشركة في «مربع 6» في منطقة بليلة في ولاية غرب كردفان. وطلبت الشركة عقد اجتماع مع الحكومة السودانية خلال شهر كانون الأول الجاري، في موعد لا يتجاوز الـ31 منه، لبحث الإنهاء المبكر لاتفاقية تقاسم الإنتاج واتفاقية خط أنابيب النفط الخام في حقل بليلة. وعزت قرارها إلى التدهور المستمر في أمن الحقل، في ظل عمليات النهب والتخريب وانهيار سلاسل التوريد، والذي أدّى إلى صعوبات كبيرة في تأمين قطع الغيار واستمرار التشغيل.
إلى ذلك، وبعدما تمدّدت «الدعم السريع» إلى ما بعد الحدود الجنوبية للسودان، المتاخِمة لجنوب السودان، أعلنت «قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقّتة لأبيي» (يونيسفا) أن وجود هذه القوات غير المُصرّح به في المنطقة المتنازع عليها أدّى إلى ارتفاع معدلات الجريمة. وقالت البعثة، في بيان، إن عناصر «الدعم» أنشأوا نقاط تفتيش غير قانونية، في ظل تزايد مظاهر انعدام الأمن.
مرتبط