«حماس» تُواصل العمل بنظام «الطوارئ» | نهاية أبو شباب: اليوم التالي ليس للعملاء
وكالة ميادين المقاومة
ساعة واحدة مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
مقتل العميل ياسر أبو شباب يوجّه ضربة لمشروع الاحتلال في تأسيس ميليشيا بديلة في غزة، في وقت ترسّخ المقاومة حضورها وقدرتها على تفكيك شبكات العمالة وكشف عمليات الاغتيال الصامت.

قُتل أمس، ياسر أبو شباب، أحد أبرز المتعاونين مع العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، في حادثة أثارت جدلاً واسعاً حول ملابساتها وخلفياتها، فيما وُصفت من قبل مصادر أمنية وعشائرية بأنها «نهاية طبيعية» لرجل احترف العمالة ومهّد الطريق لإنشاء ميليشيا محلية مرتبطة بالاحتلال، تحت مُسمى «القوات الشعبية». أبو شباب، الذي برز اسمه في السنوات الأخيرة بوصفه رأس حربة في مشروع الاحتلال لتكوين ميليشيات مسلّحة «بديلة»، بدأ مسيرته بسرقة المساعدات الإنسانية، قبل أن يتحوّل إلى وكيل ميداني للعدو في تنفيذ مهمات أمنية وعسكرية، كان من أبرزها تأمين ما سمّته إسرائيل «المناطق الآمنة» في شرقي رفح، ضمن مشروع «رفح الخضراء»، الهادف إلى فصل تلك المنطقة عن محيطها، وتحويلها إلى نموذج لحكم بديل لـ«حماس».
وفيما تحدّثت روايات أولية عن اغتياله من قبل مجهولين، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية بأن أبو شباب قُتل متأثّراً بجروحه بعد تعرّضه «لضرب مُبرّح خلال شجار داخلي بين عناصر عصابته»، وذلك على خلفية «صراعات متصاعدة حول حجم الارتباط بالأجهزة الإسرائيلية». إلا أن مصادر عشائرية أكّدت أن قتله تمّ على أيدي اثنين من أبناء قبيلته، «الترابين»، في اشتباك قبلي في شرقي رفح، في حين ذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أخرى أن «أبو شباب قُتل في عملية اغتيال متعمّدة ومُخطّط لها مُسبقاً».
وعلى أي حال، أكّدت أوساط أمنية إسرائيلية أن مقتل أبو شباب «يشكّل ضربة قوية للمشروع الإسرائيلي الرامي إلى خلق سلطة ميدانية بديلة في غزة، تقوم على تشكيلات مسلّحة محلية موالية»، في إطار ما يُسمى «خطة اليوم التالي»، كما يعزّز في الوقت نفسه حضور «حماس» كسلطة فعلية في القطاع. وفي ظلّ فراغ قيادي وتضارب في الأنباء حول مستقبل الميليشيا، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن نائبَي أبو شباب، غسان الدهيني (المسؤول عن البنية العسكرية) وحميد الصوفي (المسؤول عن الجهاز المدني)، مرشّحان لتسلّم قيادتها بعد مقتل زعيمها، علماً أن الدهيني أُصيب أيضاً خلال أحداث أمس، حيث جرى نقله بمروحية إلى مستشفى «برزيلاي» في عسقلان المحتلة.
وبمعزل عن ما انتشر في غزة من روايات متضاربة حول ملابسات مقتل أبو شباب، إلا أن ما لم يكن موضع خلاف، هو مشاعر الارتياح العارم التي عبّر عنها الغزّيون وقوى المقاومة في القطاع، والذين رأوا في مقتله «نهاية متوقّعة لكل عميل وخائن». ولم يتأخّر تعليق «الهيئة العليا لشؤون العشائر» في القطاع، التي رأت أن نهاية أبو شباب تعبّر عن «طبيعة المصير المحتوم لكل من اختار العمالة طريقاً، وفضّل الوقوف في صف الاحتلال على الانتماء إلى شعبه وقضيته». وأكّدت الهيئة أن «الاحتلال لا يمنح الأمان حتى لأدواته، وأن من يتورّط في التواطؤ لا مكان له بين أبناء الشعب الفلسطيني».
وفي تل أبيب، لم تُخفِ القنوات العبرية تبرّمها من مقتل رجل كان «يُعوّل عليه» في تثبيت نموذج «المنطقة الآمنة» في رفح، إذ اعتبر مراسل قناة «كان» للشؤون العسكرية، أليئور ليفي، أن الاغتيال «يؤكّد أن حماس لا تزال راسخة ولن تتراجع»، فيما نقلت «القناة 12» العبرية تعليقاً من جهاز «رادع» التابع لأمن «حماس» على مقتل أبو شباب، جاء فيه: «قلنا لك، إسرائيل لن تحميك».
«أمن المقاومة» لا يغفل
بدورها، لا تزال المقاومة تحاول استيعاب الواقع الميداني الطارئ في قطاع غزة، ولا سيما في ضوء مواصلة العدو الإسرائيلي ترميم «بنك أهدافه» وتنفيذ عمليات انقضاض متفرّقة. وفي هذا السياق، دفعت عمليات الاستهداف الإسرائيلية التي طاولت كوادر في المقاومة، إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير المشدّدة، بهدف إبقاء حالة التأهب قائمة لدى المقاومين، وضمان استمرار القيادة في الالتزام بـ«تدابير الحماية والسرية». وبعض عمليات الاستهداف الأخيرة تلك، كانت على يد العدو مباشرة، ومن خلال اختطافات وتصفيات تنفّذها عصابات محلية تعمل لحسابه.
أبو شباب كان يُعوّل عليه إسرائيلياً في تثبيت نموذج «المنطقة الآمنة» في رفح
وفي حديث إلى «الأخبار»، أكّد مصدر قيادي في أمن المقاومة، أن الأخيرة «أحبطت خلال الفترات الماضية عدداً من المحاولات التي سعت من خلالها عصابات الاحتلال إلى اختطاف كوادر محدّدة، وقد نجحت الأجهزة الأمنية في الإيقاع بالمنفّذين، والسيطرة على أدواتهم، وكشف خيوط مرتبطة باغتيال أحد القادة الميدانيين على يد عملاء الاحتلال». وكشف المصدر أن الجهد الأمني تزامن مع إنجاز ميداني بارز، تمثّل في الوصول إلى عناصر ومفاصل أساسية في الشبكات المرتبطة بهذه العصابات، التي تتركّز في المناطق المُصنّفة بـ«الحمراء» و«الصفراء»، الخاضعة لحماية أمنية مباشرة من الاحتلال، إذ تمكّنت المقاومة، بحسب المصدر، من «تحييد هذه المفاصل، وإلقاء القبض على عدد من المتورّطين، فيما سلّم آخرون أنفسهم عبر وساطات عائلية وجهات اجتماعية، من بينهم نحو 100 شخص كانوا يعملون بشكل مباشر ضمن تلك الشبكات».
وفي سياق متصل، كشف أمن المقاومة، عبر منصّاته، عن خيوط عملية اغتيال الشيخ محمد أبو مصطفى، القيادي في حركة «المجاهدين»، والتي نُفّذت خلال الشهر الفائت، في منطقة المواصي في محافظة خانيونس. وبيّنت نتائج تحقيقات المقاومة أن «عميلاً ينتمي إلى عصابة يقودها المدعو حسام الأسطل، هو من نفّذ العملية، التي هدفت إلى تصفية الشيخ أبو مصطفى، المسؤول عن ملف تأمين أسرى الاحتلال لدى كتائب المجاهدين». وأوضح مصدر في أمن المقاومة أن هذه العملية تعبّر عن نمط «الاغتيال الصامت» الذي يعتمده العدو، من خلال «تجنيد عملاء ومرتزقة محليين لتنفيذ عمليات استهداف مركّزة تطاول شخصيات قيادية، ولا سيما أولئك المكلّفين بملفات حساسة كملف الأسرى».
حالة طوارئ
وعلى المستوى التنظيمي، لا تزال حركة «حماس» تعمل حتى اللحظة وفق محدّدات «حالة الطوارئ»، وضمن إطار «المجلس القيادي» الذي يترأّسه محمد درويش، من دون أي خطوات انتقالية جديدة تتعلق بإدارة المشهد الداخلي والتنظيمي للحركة. وترى الحركة أن «المعطيات والظروف الراهنة في قطاع غزة تفرض استمرار العمل وفق آليات الطوارئ، من دون اللجوء إلى ملء المواقع الثمانية التي شغرت عقب اغتيال عدد من قيادات المكتب السياسي». وبحسب أوساط «حماس»، فإن قيادة المكتب السياسي للحركة هي من يتولّى إدارة الملفات السياسية، وقد «رفضت بشكل قاطع إجراء أي تعيينات إدارية مرتبطة بالمواقع الحكومية في غزة»، التي بقيت شاغرة منذ اغتيال المهندس عصام الدعاليس، رئيس «لجنة العمل الحكومي». وأشارت المعلومات إلى أن «الجهات الحكومية في غزة تقتصر مهامها على تقديم الخدمات الإنسانية، من دون أي صلاحيات مالية أو سياسية»، لافتة إلى أن «جميع أشكال الضرائب والرسوم – بما فيها ضريبة الدخل والقيمة المضافة والجمارك والرسوم الجمركية – متوقّفة تماماً». كما أكّد مصدر مطّلع، لـ«الأخبار»، أن «الحكومة في غزة لا علاقة لها بإدخال الشاحنات أو فرض رسوم على دخول البضائع»، وأن «المجال فُتح أمام المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية لإدخال المساعدات بحرّية»، إضافة إلى «السماح للتجار بإدخال السلع بهدف كسر سياسة التجويع، ومنع الاحتكار، وتوفير احتياجات السوق المحلي».
مرتبط