الضفة تحت مشرط الاحتلال: استرضاء المستوطنين في عام الانتخابات
وكالة ميادين المقاومة
يوم واحد مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
يكشف تصعيد الاحتلال في الضفة مساراً انتخابياً يسترضي المستوطنين ويعمّق مشاريع الضمّ والهدم، وسط توسّع الاستيطان وتصاعد الاعتداءات.

في أثناء شهر تشرين الثاني فقط، استولت سلطات الاحتلال على نحو 2800 دونم عبر أوامر عسكرية!
ترتفع وتيرة التصعيد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتي يُتوقّع أن تشهد مزيداً من التسارع مع دخول إسرائيل في عام الانتخابات. فالعمليات العسكرية والاقتحامات لمدن الضفة وقراها وبلداتها، تكاد لا تتوقّف، فيما يَظهر واضحاً توجُّه جيش الاحتلال إلى استعراضِ فائقِ قوّته، المترافقة مع التدمير والتخريب والاعتداءات المتواصلة، وفرض نظام حظر تجوال، على غرار ما جرى في طوباس، وفي قباطية التي تتعرّض إلى عملية عسكرية، منذ مساء الثلاثاء. وواصل العدو، أمس، حملته العسكرية التي بدأت، الأسبوع الماضي، في مناطق متفرّقة من شمال الضفة، وسط تشديد للحصار على محافظة رام الله، على خلفية عملية طعن أصيب فيها جنديان قرب مستوطنة «عطيرت»، على أيدي شاب من بلدة بيت ريما، أُعلن عن استشهاده لاحقاً. كذلك، نفّذ جيش الاحتلال اقتحامات في جنوب الضفة، تركّزت، في الآونة الأخيرة، في محافظة الخليل التي شهدت عملية دهس نفّذها فتى لا يتجاوز عمره الـ17 عاماً، وأصيبت فيها مجنّدة إسرائيلية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات العامة الإسرائيلية المرتقبة العام المقبل، يُتوقّع تصاعُد حملة التحريض ضدّ الفلسطينيين في الضفة، ولا سيّما من جانب الأحزاب اليمينية الإسرائيلية، وذلك بغرض تسريع إعلان «السيادة» على الأراضي المحتلة بالاستفادة من وجود الحكومة الحالية من جهة، وتأمين أصوات المستوطنين في المرحلة المقبلة من جهة ثانية؛ علماً أنّ أكثر من 900 ألف مستوطن يقيمون في الضفة والقدس المحتلّتين، ويمثّلون رافعة انتخابية لتلك الأحزاب. وعليه، فإنّ أخطر ما في المرحلة الراهنة لا يقتصر على «تسونامي» العمليات العسكرية، بل يتعلّق بحجم القرارات والقوانين التي ستُقَرّ وتمهّد لضمّ الضفة، سواء عبر طرح مشاريع استيطانية ضخمة، أو مصادرة أراضي الفلسطينيين.
وفي أثناء شهر تشرين الثاني فقط، استولت سلطات الاحتلال على نحو 2800 دونم عبر أوامر عسكرية، شملت الاستيلاء على الموقع الأثري في سبسطية وأراضٍ حول مستوطنة «ألفيه منشة» شرق قلقيلية. كما نفّذت سلطات العدو 46 عملية هدم، طاولت 76 منشأة، من منازل مأهولة ومنشآت زراعية ومصادر رزق، إضافة إلى توزيع 51 إخطار هدم آخر. وفي ما يخصّ التوسّع الاستيطاني، صادقت جهات الاحتلال التخطيطية على 12 مخطّطاً هيكليّاً لبناء 353 وحدة استيطانية جديدة على مساحة 1327 دونماً، بالإضافة إلى مخطّطات في القدس لبناء 687 وحدة على مساحة 36,759 دونماً، كما أودعت مخطّطات جديدة لإنشاء أحياء استيطانية في «نيجوهوت» و«كدوميم»، تشمل بناء أكثر من 1500 وحدة على أراضٍ فلسطينية.
وفي الشهر نفسه أيضاً، ارتكبت قوات الاحتلال ومعها المستوطنون 2144 اعتداء ضدّ الفلسطينيين وأراضيهم وممتلكاتهم، 1523 منها على أيدي الجيش، و621 تولّاها المستوطنون، وفق تقرير صادر عن «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان». كذلك، اقتلع المستوطنون ودمّروا نحو 1986 شجرة، من بينها 466 شجرة زيتون، فيما نفّذوا 485 عملية تخريب وسرقة ممتلكات، فضلاً عن محاولتهم إقامة 19 بؤرة استيطانية جديدة في مختلف المحافظات.
وممّا يضاعف خطورة تلك المعطيات، تسريب وثيقة رسمية أشارت إلى تأييد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إقامة البؤر الاستيطانية العشوائية وانتشارها في الضفة الغربية المحتلة. ووضع «مجلس الأمن القومي الإسرائيلي» الوثيقة، التي كُتب فيها أنه بموجب «تلخيص رئيس الحكومة»، فإنّ «المَزارع المصادَق عليها والمراقبة، هي الردّ الإيجابي المطلوب للحفاظ على المناطق ج، وتشكّل ردّاً على أنشطة الفلسطينيين في هذه المنطقة»، بحسب ما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت». وجاءت الوثيقة لتشجّع إرهاب المستوطنين ضدّ الفلسطينيين، تحت عنوان «ملخّص مداولات رئيس الحكومة في شأن الأدوات التربوية ضدّ عنف شبيبة التلال في يهودا والسامرة»، إذ أكّدت أنّ نتنياهو، أوعز بتسريع إجراءات منح مكانة قانونية للبؤر الاستيطانية العشوائية.
في غضون ذلك، كشفت صحيفة «هآرتس»، أنّ جيش الاحتلال يعمل على إقامة جدار فصل جديد في عمق منطقة الأغوار الشمالية، على مسافة لا تقلّ عن 12 كيلومتراً غرب الحدود الأردنية، في خطوة ستؤدّي إلى عزل قرى فلسطينية عن أراضيها الزراعية وقطع التواصل في ما بينها، وفق نموذج مشابه لجدار الفصل في الضفة. وذكرت الصحيفة أنّ المشروع الذي دخل مراحل متقدّمة من التنفيذ، يتضمّن إنشاء مقطع يصل طوله إلى 22 كيلومتراً وعرضه 50 متراً في شمال الأغوار، وفق مخطّط يقضي بهدم قوات الاحتلال جميع المنشآت والبنى التحتية الواقعة ضمن مساره، بما يشمل منازل وحظائر وبيوتاً بلاستيكية ومخازن وأنابيب مياه وآباراً ومناطق زراعية.
وفي السياق نفسه، قالت مصادر إسرائيلية، إنّ جيش الاحتلال ينفّذ مشروعاً يُطلق عليه «في الطريق إلى يهودا»، ويدعو بموجبه جنوده والجمهور الإسرائيلي، عبر مجموعات على تطبيقَي «واتسآب» و«تلغرام»، إلى زيارة مواقع أثرية وبؤر استيطانية عشوائية، بما في ذلك في المناطق (أ) و(ب)، الخاضعة للسلطة الفلسطينية. ويشكّل المشروع «قناة دعائية للمستوطنين»، فيما ينشر معلومات حول مواقع قُتل فيها جنود الاحتلال، وفق ما ذكرت «هآرتس».
وأسّس «في الطريق إلى يهودا»، مستوطن من «لواء يهودا» في الجيش، استمرّ في قيادة المبادرة حتى في أثناء خدمته العسكرية في قوات الاحتياط، وذلك «عبر دعم كامل من جانب ضباط كبار»، وفقاً للصحيفة. وفي مقطع نُشر عبر «يوتيوب»، يتحدّث كلٌّ من قائد «لواء يهودا» شاحار بركاي، وقائد «لواء السامرة» أريئيل غونين ونائبيْهما عن المشروع، فيما تقول قائدة الوحدة الإعلامية في القيادة الوسطى للجيش، في المقطع: «أرى بعد الجولات كيف تتعزّز العلاقة والقدرة على تنفيذ المهمّة عبر إدراك واسع لهذا المكان». وكان موقع الناطق باسم الجيش الإسرائيلي نشر، في تموز من العام الماضي، تقريراً حول المشروع، جاء فيه أنه «كان للرقيب أول إيليا، حلم كبير، بربط أيّ جندي ومواطن وسائح موجود في منطقة لواء يهودا، بتراث وتاريخ هذه المنطقة».
مرتبط