إصرار على الحسم العسكري: الجيش يرفض الهدن المؤقّتة
وكالة ميادين المقاومة
4 أيام مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
يدفع الجيش السوداني عملياته لخنق «الدعم السريع» وقطع الإمدادات في دارفور وكردفان، مؤكّداً خيار الحسم العسكري ورافضاً دعوات الهدنة التي «تُستغلّ» لإدخال الإمدادات إلى «الدعم».

يواصل الجيش عملياته في ولايات شمال كردفان وغربها وجنوبها!
في وقتٍ خرقت فيه تلك القوات الهدنة الأُحادية بعد أقل من 48 ساعة من إعلانها إياها، شانّةً هجمات متتالية على حامية الجيش – الفرقة 22 مشاة – في منطقة بابنوسة جنوب النيل الأزرق، وذلك في محاولة لبسط سيطرتها عليها وتوسيع رقعتها الجغرافية جنوب شرق الولاية. وإذ لم تتوقف هجمات «الدعم السريع» على بابنوسة، التي تتم في معظمها عبر المُسيّرات الاستراتيجية والقصف المدفعي المكثّف، فقد تمكّن الجيش، في أغلب الأوقات، من صدّ الهجمات البرية.
ويأتي ذلك في وقت رفض فيه الجيش دعوات الهدنة التي طرحتها «الدعم السريع»، مُتذرِّعاً بأن وقف القتال، ولو مؤقّتاً، يُستغلّ لإدخال الإمدادات إلى تلك القوات، على غرار ما حصل في الهدن السابقة خلال الشهور الأولى للحرب. كما رفض الجيش المقترح الذي قدّمه مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية، مسعد بولس؛ ووصفه قائده العام، عبد الفتاح البرهان، بأنه «أسوأ مقترح» يتمّ تقديمه، مضيفاً أن «ورقة بولس تنصّ على حلّ الجيش وجميع الأجهزة الأمنية مع الإبقاء على قوات الدعم السريع في وضعها السابق». واعتبر البرهان أن «اللجنة الرباعية» «غير محايدة»، قائلاً إنه ينبغي على بولس العودة إلى «خارطة الطريق» التي قدّمها مجلس السيادة للأمم المتحدة.
وإذ يرى مراقبون أن الحكومة لا تمانع الدخول في مفاوضات أو حلّ سياسي، ولكن وفق رؤيتها التي عبّرت عنها في تلك الخارطة، جدّد البرهان، أمس، موقف الحكومة الثابت بأن حلّ الأزمة يكمن في «زوال الميليشيا»، وقال في لقاء جماهيري: «موقفنا ثابت: تفكيك الميليشيا وتجريدها من السلاح، وأي حلول غير ذلك غير مقبولة بالنسبة إلينا»، مضيفاً: «يجب القصاص من الميليشيا التي ارتكبت بإصرار كل أنواع الجرائم في حق أهلنا، لذلك هم لا يستحقون العيش معنا في أرض السودان».
بدوره، أكّد مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، استعداد الجيش للتفاوض مع «الدعم السريع» شريطة انسحاب الأخيرة إلى معسكرات خارج المدن في جنوب وشرق دارفور. وقال العطا، من مدينة الأبيض شمال كردفان، إن «القيادة العسكرية ستنقل المركز العسكري للدولة إلى الأبيض»، مشيراً إلى أن المدينة ستكون «خلية نحل» تنطلق منها عمليات تحرير الأراضي. وأضاف: «أعددنا العدة للعمليات الحالية واللاحقة لتحرير كلّ الأراضي السودانية، وستنطلق المتحرّكات في كل المحاور خلال أيام».
وفي هذا الوقت، يواصل الجيش عملياته في ولايات شمال كردفان وغربها وجنوبها، حيث سيطر مطلع الأسبوع على مناطق استراتيجية في الجنوب (شملت الدامرة، وقردود، وناما، وتبسة، والموريب)، ضمن وحدة المريب الإدارية في محافظة العباسية تقلي، بالإضافة إلى منطقة تيري التي تُعدّ منطقة استراتيجية في محافظة أبو كرشولا. وبحسب شهود عيان، فقد تمكّن الجيش من إلحاق خسائر بقوات «الدعم السريع» وحليفتها «الحركة الشعبية – شمال» بقيادة عبد العزيز الحلو؛ إذ قُتل وأُسر عدد من عناصرهما، وفرّ آخرون إلى الجبال المحيطة، في وقت بثّ فيه جنود من الجيش مقاطع فيديو تُظهِر دخولهم إلى الدامرة وتبسة.
وإزاء ذلك، يرى مراقبون أن نقل المعارك العسكرية إلى جنوب كردفان من شأنه خنق «الدعم السريع» و«الحركة الشعبية» عبر قطع خطوط الإمداد. ويقول المحلّل العسكري اللواء المتقاعد، معتصم عبد القادر، إن مناطق جنوب كردفان «اكتسبت أهمية استراتيجية خاصة بعد قطع خطوط الإمداد عبر الحدود التشادية والليبية بواسطة سلاح الجو السوداني والمُسيّرات التي غطّت أجواء تلك المناطق، ما دفع الميليشيا إلى الاعتماد على خط إمداد بديل عبر دولة جنوب السودان إلى مناطق كاودا والحدود التابعة للحركة الشعبية وصولاً إلى جنوب وغرب كردفان».
ويضيف عبد القادر، في حديثه إلى «الأخبار»، أن السبب الرئيسي لاستهداف الجيش لهذه المناطق – رغم أنها بقيت منذ ثمانينيات القرن الماضي تحت سيطرة «الحركة الشعبية» التي نهبت ثرواتها من ذهب جبال النوبة وهرّبته إلى الخارج -، هو «خنق الفصيلين وقطع الإمدادات عنهما». وبحسبه، فإن «صفوفهما تشهد حالات هروب واسعة، خصوصاً بين المرتزقة القادمين من دولة جنوب السودان الذين وجدوا أنفسهم يقاتلون في صفوف الحركة، بلا وقود ولا ذخائر ولا تعزيزات، مقابل تعرّضهم لضربات متلاحقة من القوات المسلحة».
ويلفت، في الوقت نفسه، إلى وجود «خلافات عميقة» داخل «الحركة الشعبية»، خاصة مع «الرافضين للقتال» إلى جانب «الدعم السريع» التي يعتبرونها «عدواً تاريخياً تسبّب في إبادة أهاليهم»، ولا سيما في مناطق المسيرية التي شهدت انشقاقات بالفعل. وإذ يلفت إلى أن «المنشقّين انضمّوا إلى القوات المسلحة، وقدّموا لها معلومات استخباراتية دقيقة لضرب مواقع الحركة الشعبية والدعم السريع، ما أدّى إلى موجة هروب كبيرة لقيادات وجنود الطرفين نحو ولايات دارفور ومدنها في نيالا والضعين»، فهو يرى أنه في ظلّ التقدّم الحالي، فإن حسم المعارك في كلٍّ من كردفان ودارفور «بات قريباً».
مرتبط