الفصائل تتبرّأ من المسؤولية: عودة هجمات حقول الطاقة

هجوم بطائرة مُسيّرة على حقل “كورمور” الغازي في السليمانية يشلّ إنتاج الطاقة في كردستان بنسبة 80%، ويُدخل الإقليم والعراق في أزمة كهرباء وتوتر سياسي واسع.

شهد إقليم كردستان العراق اضطراباً واسعاً في إمدادات الطاقة، بعد هجوم بطائرة مُسيّرة استهدف حقل الغاز الاستراتيجي «كورمور» في محافظة السليمانية، مساء أول من أمس، وأدّى إلى اندلاع حريق كبير، وتوقّف ضخ الغاز نحو محطات توليد الكهرباء. وأسفر الحادث عن انخفاض الإنتاج بنسبة تقارب 80%، ما انعكس بشكل مباشر على المدن والمستشفيات والمرافق الحيوية، وأثار موجة من القلق على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.

وقالت شركة «دانة غاز» الإماراتية، المشغّلة للحقل، إن خزان الغاز المُسال داخل المنشأة أصيب بشكل مباشر، قبل أن تتمكّن فرق الطوارئ من احتواء الحريق. وأضافت الشركة، في بيان، أن «توقّف الإنتاج مؤقّت، وسيستمر حتى تقييم الأضرار وإصلاحها»، مؤكّدة عمل فرقها بالتنسيق مع السلطات المحلية لضمان استقرار العمليات ومنع أي مخاطر إضافية. وأعلن المتحدّث باسم وزارة الكهرباء الاتحادية، أحمد موسى، بدوره، أن الشبكة الوطنية فقدت نحو 1200 ميغاواط نتيجة توقّف المحطات المرتبطة بعقود شراء الغاز من الإقليم، ما سيؤثّر على خطة التجهيز العامة في محافظات عدة، منها كركوك.

وتعليقاً على الحدث، وصفت «خلية الإعلام الأمني» الهجوم بأنه «اعتداء إرهابي خطير»، يستهدف مصالح العراقيين ويقوّض الاستقرار الاقتصادي والأمني. ودان رئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد شياع السوداني، بدوره، خلال اتصال هاتفي مع رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، الهجوم، واعتبره «استهدافاً للعراق بأكمله». وأعلن السوداني تشكيل لجنة مشتركة بين الحكومتين الاتحادية والإقليمية للتحقيق في الحادث وتقديم المسؤولين إلى العدالة، فيما دعا بارزاني الولايات المتحدة وشركاء دوليين إلى تزويد الإقليم بأنظمة دفاعية لحماية البنية التحتية للطاقة، مؤكّداً أن الهجمات المتكرّرة تشكّل تهديداً مباشراً لإستقرار الإقليم والمنشآت المدنية. وعلّق مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى العراق، من جهته، على الحادث قائلاً إن «الحكومة العراقية مُطالبة بتحديد هوية المسؤولين عن الهجوم وتقديمهم للعدالة»، معتبراً أنه «لا مكان لمثل هذه الجماعات المسلحة في عراق ذي سيادة كاملة».

ويأتي الهجوم الأخير امتداداً لسلسلة استهدافات تعرّض لها حقل «كورمور» خلال الأعوام الماضية، من بينها هجمات بطائرات مُسيّرة وقصف، ما أدّى إلى سقوط قتلى، بالإضافة إلى عمليات متكرّرة خلال العام الحالي. ويرى مراقبون أن هذه العمليات تجيء في سياق استعمال البنى التحتية الاقتصادية كورقة ضغط على الجانب الكردي، الذي يحاول الآن «إعادة ترتيب المشهد الداخلي»، طبقاً لما يراه القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني»، كوران فتحي، موضحاً أن «الأحزاب تسعى للدخول في مشاورات تشكيل حكومة جديدة، مدفوعة بالضغوط الاقتصادية وحاجة ملحّة إلى إنهاء الانقسام الذي حدّ من قدرة الإقليم على إدارة ملفاته».

وإذ يرى الكاتب والمحلّل الاستراتيجي، بزروك محمد، أن «الوصول السريع للوفد الاتحادي ومباشرة التحقيق، يعكسان جدية الحكومة العراقية في التعامل مع الحوادث الأمنية الكبرى وحماية البنية التحتية الحيوية»، فهو يشدّد على ضرورة أن «تكون هذه الإجراءات شفّافة وسريعة لإعادة الثقة بين المواطنين والحكومة وضمان مُساءلة المتورّطين»، مشيراً إلى أن «التحقيقات تهدف إلى كشف ما إذا كان الهجوم مرتبطاً بصراعات داخلية أو بأجندات خارجية تسعى لزعزعة الاستقرار».

وبالحديث عن المسؤولية السياسية، يؤكّد القيادي في «الإطار التنسيقي»، علي الموسوي، أن «الهجوم ليس من فعل الفصائل المسلحة، بل على الأرجح من طرف معادٍ يسعى إلى خلق توتّر بين بغداد وأربيل». ويقول: «نستبعد أن يكون الاستهداف نتيجة صراعات داخلية أو خلافات كردية، بل يبدو أنه محاولة لإعادة خلط الأوراق وتعكير العلاقة بين أربيل وبغداد بعد أن شهدت الأشهر الماضية استقراراً نسبياً وتنسيقاً أمنياً وسياسياً». ويرى أن «مثل هذه الأعمال تهدف إلى خلق انطباع زائف بالتصعيد. ونحن واثقون بأن التحقيقات ستكشف الجهات الحقيقية وتعيد الطمأنينة إلى المواطنين».

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

«لوبيات» لبنانية من ورق تبحث عن زبائن في واشنطن

التحوّلات الكبيرة في المنطقة وفّرت لبعض اللبنانيين فرصة للتجارة في ما يُعرف بـ«اللوبيات»، والاستثمار في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *