تدريبات عسكرية لمقاتلين دروز: الاحتلال يُكثِّر خلاياه جنوباً
وكالة ميادين المقاومة
6 أيام مضت
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة, منوّعات
الإحتلال الإسرائيلي يُصعّد في جنوب سوريا بإعادة رسم قواعد الاشتباك وتفعيل شبكات استخبارية وتوسيع الوجود الميداني، في تحدٍّ لمسار التفاهم مع دمشق وموسكو.

أعلاه | متظاهرون سوريون يرفعون لافتة تشيد بمقاتلي بيت جن، خلال تظاهرة جرت في دمشق!
بخلاف التوقعات، لم تردع زيارة الرئيس الانتقالي السوري، أحمد الشرع، إلى واشنطن، ولا جولة الوفد الروسي في جنوب سوريا، إسرائيل عن اتّخاذ إجراءات مضادة لمسار التفاهم مع دمشق، بعدما اعتبرته «مسدود الأفق». إذ أظهرت جولة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في الجنوب السوري، تمسّكاً واضحاً بالواقع الذي أرساه العدو هناك، بعد سقوط النظام السابق. وتشير المعطيات الميدانية عقب الحدثَين المذكورَين، إلى وجود عمل دؤوب لاستثمار التحوّلات في العقيدة العسكرية الإسرائيلية وتطبيقها في سوريا، حيث تخلّت إسرائيل عن استراتيجية «المعركة بين الحروب» التي كانت تتبعها، واتجهت نحو إعادة تعريف قواعد الاشتباك، والحفاظ على عمق عملياتي لا يكتفي بالتوغلات العسكرية فحسب، بل يشمل أيضاً عملاً أمنياً منظّماً يقوم على تفعيل شبكات استخبارية تعمل على الأرض، إضافةً إلى توسيع الحركة الميدانية وتقييد حركة السكان والتحكّم فيها.
ميدانياً، شهدت قرى القنيطرة بعد زيارة الوفد الروسي، ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة النشاطات الإسرائيلية، من مثل تحليق سرب مؤلّف من ثماني طائرات حربية اخترقت أجواء الجنوب وصولاً إلى محافظة اللاذقية. وتلى ذلك تقدُّم عدد من المدرعات تجاه التلول الحمر، حيث رفع الاحتلال علمه على تل أحمر شرقي (ثكنة عسكرية سابقة للنظام)، وهو التلّ نفسه الذي دخلته قبل أسبوع ونصف أسبوع تقريباً قوة «اليوندوف»، ورفعت علمها فوقه. ومكثت قوات العدو في التلّ يومين، قبل أن تعود إلى تل أحمر غربي، الذي يُعدّ نقطة عسكرية استُحدثت بعد كانون الأول 2024. وبالتوازي، استمرّ الاحتلال في إقامة نقاط التفتيش التي نشطت خلال الشهر الجاري، حيث قامت قواته، الأربعاء، بنصب حاجز مؤقت مؤلّف من خمس سيارات على الطريق الواصل بين قريتَي القحطانية وأم العظام، وقطعت خلاله حركة المرور، بدعوى تفجير ذخيرة في المنطقة الواقعة غرب سدّ المنطرة، الذي أعلنه العدو سابقاً منطقة عسكرية محظورة، قيّد دخولها بأوقات محدّدة وقوائم اسمية معينة.
في موازاة ذلك، علمت «الأخبار» من مصادر، أن قوات الاحتلال استغلّت الحدث المذكور ومرّرت بمركباتها مساعدات غذائية ومحروقات إلى إحدى القرى، علماً أن إسرئيل تتعمّد إخفاء العمل المدني تحت طابع عسكري مثير للتوتّر، كما حصل الشهر الماضي في قرية عين القاضي. وتضيف المصادر أن هذه هي المرّة الثالثة التي تصل فيها مساعدات إلى تلك القرية منذ سقوط النظام، لكن الجديد الآن أن الاحتلال أَوكل إلى جهة اجتماعية إدارة عملية التوزيع، بخلاف عمليات التوزيع المباشرة التي حدثت في قرى أخرى. ووفقاً للمصادر، «يحصل ذلك بالاستناد إلى قاعدة بيانات اجتماعية دقيقة جمعها الاحتلال واستهدف من خلالها القرى الصغيرة تحديداً، مستغلّاً الوضع الاقتصادي المتردّي هناك».
“تعمل إسرائيل على استقطاب شباب من قرية حَضَر، بهدف تجنيدهم في الجيش”
كذلك، تكشف بعض النشاطات الإسرائيلية عن عمل أمني منظّم، يعتمد على شبكات استخبارية عَمِل الاحتلال على بنائها وتفعيلها، بهدف جمع المعطيات على الأرض وتسهيل حركته. وعكست بعض الأحداث، بحسب مصدر أمني تحدّث إلى «الأخبار»، ترجمةً فعليّة لعمل تلك الشبكات، بعدما أظهرت تطوراً في حركة العدو نشاطاً وأسلوباً. ففي الـ27 من تشرين الأول الماضي مثلاً، توغّل الاحتلال إلى عمق غير معتاد داخل الأراضي السورية، من «حافة الخطّ» إلى 12 كيلومتراً داخل ثكنة كوم محيرس المهجورة شمال خان أرنبة، والتي تحتوي على سرية (م/ط). وتكشف طبيعة عمليات التدمير في المنطقة (استمرت لستّ ساعات متواصلة) التي شملت إحداث حفر عميقة فيها، بالإضافة إلى إقامة حواجز تفتيش على طريق دمشق – القنيطرة، عن اعتماد التحرك على شبكة استخبارية مغذّية. وبحسب المصدر، فقد تمّ رصد أشخاص رافقوا الرتل لا يَظهر عليهم الطابع العسكري، لا في الهيئة ولا في الأسلوب. ويلفت إلى أنه بعد سقوط النظام، أصبحت فرص تواصل العدو مع خلاياه أكثر يُسراً، مرجّحاً أن تكون صلة الوصل، إحدى مجموعات فصيل «الجيش الحر» التي تدير أعمال الشبكات المتعاونة مع العدو من الداخل المحتلّ، بعد انتقالها إلى هناك بموجب تسويات عام 2018.
إلى جانب ذلك، لم تخرج حواجز التفتيش عن دورها، حيث تحوّلت إلى أداة تفرض واقعاً أمنياً صعباً، نتيجة القدرة على الحضور المفاجئ والانسحاب السريع عند تقاطعات الطرق ومداخل القرى. وتبيّن معلومات «الأخبار» أن منع بعض المدنيين من المرور بعد إقامة الحواجز، يحمل سلوكاً تمييزيّاً وطابعاً استهدافيّاً واضحاً، خصوصاً أنه يركّز على شريحة محدّدة من السكان، وعلى أساس الاسم والانتماء العائلي. كذلك، تتركّز عمليات الدهم على منازل أقاربِ أفرادٍ اعتقلهم الاحتلال سابقاً، رغم انعدام أيّ ارتباط عسكري سابق لهم.
بالتوازي، تعزز إسرائيل محاولاتها نسج روابط «إنسانية» واقتصادية مع دروز السويداء التي تتّجه إلى صيغة من حُكمٍ ذاتي، في وقت جدّد فيه وزير الأمن، يسرائيل كاتس، القول إن إسرائيل «تقوم بحماية» الدروز، وإن «للجيش خطّة جاهزة، وإذا تكرّرت الهجمات على جبل الدروز، فسنتدخّل، بما في ذلك إغلاق الحدود». ويشير الحَراك داخل الكيان، إلى تركيز إسرائيل على البدء في تشكيل قوات مدرّبة من الدروز على مراحل، وتحسين وضعهم العسكري الدفاعي؛ إذ أفادت مصادر «الأخبار» بأن الاحتلال كثّف، أخيراً، من نقل العتاد العسكري عبر المروحيات الهابطة في السويداء، وتبادُل المعطيات الاستخبارية عن حركة القوات التابعة للحكومة الانتقالية مع فصائل السويداء، وتنفيذ طلعات جوية استهدفت ترميم قدرات هذه الأخيرة، من دون أيّ تعليق رسمي من جانب دمشق. ووفقاً للمصادر، فإن إسرائيل، وعبر ضابط عسكري برتبة نقيب يتبع للواء «غولاني»، تعمل أيضاً على استقطاب شباب من قرية حَضَر، بهدف تجنيدهم في الجيش؛ علماً أن عدد المجنّدين وصل إلى العشرات الذين يحصل كل منهم على مبلغ مادي مرتفع، فضلاً عن مبلغ إضافي مقابل كل شخص يتمّ استقطابه من جانبه.
مرتبط