مرضى السويداء متروكون: الحصار لا يوفّر شيئاً

يكشف تدهور القطاع الصحّي في السويداء أثر الحصار على نقص الدواء والخدمات، مبرزاً معاناة المرضى وتداعيات الانقطاع على العلاجات الحيوية.

ينسحب التدهور في القطاع الصحّي على العيادات الشاملة، التي تعمل يومين في الأسبوع..

شهد القطاع الصحّي في محافظة السويداء تدهوراً كبيراً منذ أحداث تموز الماضي، وذلك بفعل الحصار الذي فرضته الحكومة المؤقتة على المحافظة، والذي أدّى إلى تراجع الخدمات الصحية على مختلف المستويات، وعزّز الاعتماد على دعم المجتمع المحلّي وتحويلات المغتربين، إلى جانب المساعدات التي تقدّمها المنظمات الإنسانية الدولية. ويؤكد مدير الصحة في السويداء، أسامة قندلفت، أن المؤسسات الصحية تعمل تحت ضغط هائل نتيجة ازدياد أعداد المرضى، في مقابل انخفاض الإمكانات التشغيلية.

ومع غياب التمويل المستقرّ والموازنات التشغيلية، تعتمد المستشفيات، وفي مقدّمتها «المستشفى الوطني»، على التبرّعات لتأمين الحدّ الأدنى من الخدمات الأساسية؛ علماً أن الأخير يعاني نقصاً كبيراً في الأدوية والمستلزمات الطبية، فضلاً عن تراجع عدد الكوادر الطبية والتمريضية نتيجة صعوبة الوصول إلى العمل في ظلّ انقطاع المحروقات، وأيضاً تأخُّر الرواتب. ونتج ممّا تقدَّم، تدهور في الخدمات المقدّمة للمرضى والمناوبين، إلى درجة أن الوجبات الغذائية اليومية تقلّصت إلى وجبة واحدة فقط.

وليس الوضع أفضل حالاً في مستشفى «صلخد»، الذي أَطلقت كوادره الطبية والإدارية نداءً لمنع توقّفه عن العمل، في ظلّ ما يعانيه من نقص حادّ في الأدوية والمستلزمات الطبية، إلى جانب انقطاع الرواتب، والمشكلات في البنى التحتية. ويفيد مدير المستشفى، لؤي الشوفي، بأن «نقص الأوكسجين تمّت معالجته بشكل مؤقت عبر منظّمات داعمة، إلّا أن الخطر لا يزال قائماً»، مشيراً أيضاً إلى الانقطاعات الطويلة للكهرباء، والتي تفرض الاعتماد على مولّد قديم يحتاج إلى صيانة متكرّرة، في حين لا تزال سيارات الإسعاف وباصات نقل الموظفين متعطّلة. ولا يستثني النقص، المواد المخبرية والشاش والقطن والمسكّنات، وبعض المضادات الحيوية الأساسية، بينما تقتصر الوجبات الغذائية المقدَّمة للمناوبين والمرضى على وجبة غير مكتملة.

وينسحب التدهور في القطاع الصحّي على العيادات الشاملة، التي تعمل يومين في الأسبوع (الأحد والأربعاء)، في ما يعكس محدودية القدرة على تلبية الاحتياجات الطبية المتزايدة. ويوضح مدير العيادات، فراس دويعر، أن «هذه المنشآت كانت، لسنوات، تتولّى توزيع الأدوية على 22 مركزاً صحيّاً، مستفيدة من المساعدات الإنسانية لتقديم خدمات مجانية لآلاف السكان والمهجرين». ومع استمرار الحصار للشهر الخامس على التوالي، تراجع المخزون الدوائي بشكل كبير، إذ إنه من أصل 110 أصناف أساسية، لا يتوافر سوى 55 حالياً. كذلك، يواجه مرضى السرطان، الذين يتجاوز عددهم الـ1500، مخاطر متزايدة على خلفية انقطاع العلاجات، الذي أدى إلى تسجيل حالات وفاة في صفوفهم. ويؤكد رئيس قسم أمراض الدم والأورام، بليغ غرز الدين، أن التدهور في الخدمات الطبية بعد أحداث تموز، «انعكس بشكل مباشر على مرضى الأمراض المزمنة، وخاصة مرضى السرطان، في ظلّ التحديات الكبيرة في تأمين الأدوية الأساسية». وكانت شحنة دعم دوائي موجّهة إلى مرضى الأورام (تغطّي نحو 90% من الاحتياجات لمدّة شهرين)، وصلت أخيراً إلى «المستشفى الوطني»، عبر تبرّعات من أبناء المحافظة والمغتربين في الجولان.

في هذا الوقت، يواصل قسم الكلى في «المستشفى الوطني» تقديم خدمات غسل الكلى، في ظلّ نقص كبير في المستلزمات الحيوية، وارتفاع عدد مرضى الفشل الكلوي، الذين سُجّلت أربع وفيات من بينهم خلال الشهر الماضي نتيجة عدم توافر مستلزمات الغسل. ويعاني القسم من جرّاء غياب أدوية زراعة الكلى، ونقص الحديد الوريدي، وأدوية خفض البوتاسيوم والفوسفور، والمتمّمات الغذائية. كما يفتقر إلى محطّة تحلية جديدة وأجهزة تنقية إضافية تكفي العدد الكبير من المرضى، إذ يخضع نحو 100 مريض في «الوطني» وحده لجلسات تنقية، بمتوسط 30 جلسة يومياً، إضافة إلى مرضى آخرين موزّعين بين «شهبا» و«صلخد». ورغم وصول جهاز تنقية جديد عبر إحدى الجمعيات الداعمة، إلّا أن الدعم المقدَّم لا يزال جزئيّاً، ولا يغطّي كامل الاحتياجات.

كذلك، يتأثّر مئات المرضى الخاضعين للعلاج البيولوجي بانقطاع شبه كامل للأدوية الخاصة بالروماتيزم والأمراض المناعية. ويبيّن الدكتور عدنان صالحة، من قسم العلاج البيولوجي، أن هذه الأدوية تُعدّ أساسية في معالجة الأمراض المزمنة المعتمدة على مثبطات المناعة، منبّهاً إلى أن انقطاعها المتواصل يشير إلى خلل في استمرارية الرعاية الطبية. وتفيد تقديرات القسم بوجود نحو 600 مريض يعتمدون على هذه الأدوية بشكل مباشر، بينما يبلغ عدد الخاضعين للعلاج البيولوجي نحو 300 مريض، جميعهم باتوا أمام تحدّيات كبيرة نتيجة غياب الدواء وارتفاع تكاليف البدائل في السوق الخاصة.

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

مناورات «سهند 2025»: إيران تعمّق انخراطها الأمني شرقاً

استضافت إيران مناورة “سهند 2025” لمكافحة الإرهاب، التي شاركت فيها جميع دول “منظمة شنغهاي للتعاون”، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *