أخبار عاجلة

حصار جوّي.. وتصنيفات بالإرهاب: واشنطن تمهّد لإغتيال مادورو

في تصعيد لافت، صنّفت واشنطن «كارتل الشموس» في فنزويلا، «منظّمة إرهابية أجنبية»، في ما يمكن أن يشكّل ذريعةً لشرعنة إستهداف نيكولاس مادورو، وإسقاط النظام في كاراكاس بالقوّة.

تزعم الحكومة الأميركية أنّ الكارتل يدار من جانب مادورو وكبار مساعديه..

في خطوةٍ تمثّل نقلة نوعية في استراتيجية «الضغط المتصاعد» الذي تمارسه الولايات المتحدة ضدّ فنزويلا، رفعت إدارة الرئيس دونالد ترامب، من حدّة التوتّر مع كاراكاس، عبر تصنيف ما تسمّيه «كارتل الشموس»، «منظمة إرهابية أجنبية». وأتى ذلك في موازاة نشر قوّة بحرية وجوّية ضخمة في البحر الكاريبي، وفرض ما يشبه حظراً على الطيران المدني، تمهيداً ربّما لمرحلة جديدة من الصراع، تتجاوز الحصار الاقتصادي الخانق، إلى سيناريوات التدخّل العسكري المباشر.

وصنّفت واشنطن رسميّاً «كارتل دي لوس سوليس» (كارتل الشموس)، «منظمة إرهابية أجنبية»، محمّلةً إيّاه المسؤولية عن «العنف في جميع أنحاء نصف الكرة الغربي»، وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة وأوروبا. ومن شأن دخول هذا التصنيف حيّز التنفيذ، أن يشرّع الباب وفق القانون الأميركي، أمام استهداف مباشر للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي تقول الإدارة الأميركية، إنه «زعيم» الكارتل المذكور.

وبحسب وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، فإنّ الكارتل «هو واحد من أكبر المنظّمات الإجرامية الموجودة في نصف الكرة الغربي»؛ علماً أنّ الاسم يشير إلى الشارات الذهبية التي يضعها كبار الضباط العسكريين الفنزويليين، للدلالة على رتبهم (الشموس). وبذلك التصنيف، تضع الولايات المتحدة، المؤسسة العسكرية الفنزويلية في الخانة نفسها مع عصابات الجريمة المكسيكية الشهيرة، مثل «كارتل سينالوا».

وتزعم الحكومة الأميركية، أنّ الكارتل يدار من جانب مادورو وكبار مساعديه، وهي عرضت مكافأة قياسية قدْرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدّي إلى القبض على المسؤولين عنه. وتشمل لوائح الدعوى، التي رُفعت في نيويورك، مادورو ووزير داخليته الحالي ديوسدادو كابيلو، اللذين اتُّهما بـ«التآمر مع الماركسيين الكولومبيين» (في إشارة إلى الجماعات اليسارية المسلحة هناك) لشحن الكوكايين إلى الولايات المتحدة. وتعود جذور هذه الاتّهامات إلى عام 2011، حين أطلقت السلطات الأميركية، إجراءات قانونية ضدّ أعضاء بارزين في الجيش الفنزويلي، بمن فيهم هوغو «إل بولو» كارفاخال، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، الذي اتّهمته بشحن 5.6 أطنان من الكوكايين إلى أميركا.

رفض مادورو، في رسالة إلى ترامب، الاتّهامات ضدّه، واصفاً إيّاها بـ«أسوأ أنواع الأخبار المزيّفة»”

واستباقاً لخطوتها الأخيرة، كانت واشنطن، حشدت أكبر قوّة عمل بحرية وجوّية في منطقة البحر الكاريبي، منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. ويشمل هذا الأسطول: حاملة الطائرات الأكثر تقدُّماً في العالم، وسفناً مخصّصة لنشر القوات الخاصة وغوّاصة نووية وعدداً من المدمّرات، بالإضافة إلى تموضع أسراب من المقاتلات في بورتوريكو المجاورة.

ولم يقتصر الطوق الأميركي على الحشود البحرية، بل تمدَّد ليشمل حصاراً جويّاً خانقاً عَزَلَ فنزويلا فعلياً عن العالم الخارجي؛ إذ مارست واشنطن ضغوطاً تنظيمية وأمنية دفعت هيئات الطيران الفدرالية إلى حظر التحليق في الأجواء الفنزويلية، ممّا أجبر كبرى شركات الطيران العالمية والأميركية على تعليق رحلاتها نهائياً من وإلى مطار «سيمون بوليفار» الدولي. على أنّ ذلك الإجراء لم يستهدف النظام فحسب، بل أدّى إلى قطع شرايين التواصل الإنساني والتجاري، محوّلاً البلاد إلى سجن كبير وتاركاً الفنزويليين في عزلة تامة.

ويربط ترامب صراحة بين «الحرب على المخدرات» و«الحرب على الإرهاب»، متبنّياً تكتيكات مشابهة لتلك التي استُخدمت في الشرق الأوسط، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لإسقاط الأنظمة في العراق وأفغانستان وسوريا. وهو بدأ بالفعل بإصدار أوامر بشنّ ضربات بطائرات من دون طيار (درونز) على قوارب يُزعم أنها تهرّب الكوكايين، فيما يحذّر المراقبون من أنه قد يأمر تالياً بشنّ ضربات على أهداف داخل الأراضي الفنزويلية، بدعوى استهداف مختبرات إنتاج المخدرات.

وبينما تروّج واشنطن، لفكرة أنّ «كارتل الشموس»، منظّمة هرمية مُحكَمة تدار من القصر الرئاسي، يميل خبراء إلى الاعتقاد بأنّ أمر هذا الكارتل يقتصر على وجود عناصر في الدولة تتحالف مع عناصر إجرامية للحصول على عوائد مالية، خصوصاً في ظلّ الحصار الاقتصادي الخانق الذي تفرضه واشنطن على كاراكاس، منذ تولّي الثوريين البوليفاريين، مقاليد السلطة هناك. وقال المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، توم شانون، في حديث إلى صحيفة إنكليزية، إنّ مشهد مادورو يدير الكارتل من غرفة سرّية في قصر ميرافلوريس، يبدو فكرة «سخيفة» للغاية.

لكن يبدو أنّ إدارة ترامب، في حاجة ماسّة إلى سرديّة تبرّر سعيها إلى إسقاط النظام البوليفاري، لغايات الاستحواذ على ثروات فنزويلا الطبيعية الهائلة، بعد فشل محاولات الانقلاب السابقة.

من جانبه، رفض مادورو، في رسالة إلى ترامب، الاتّهامات ضدّه، واصفاً إيّاها بـ«أسوأ أنواع الأخبار المزيّفة»، وبأنها محاولة لتبرير نزاع مسلّح قد يدمّر القارّة بأكملها. لكنّ الإدارة الأميركية، لم تعبأ باعتراضات الرئيس الفنزويلي، ولا حتى باستطلاعات الرأي التي أظهرت أنّ غالبية الأميركيين (55%) يعارضون غزو فنزويلا.

وتتّجه التقديرات إلى أنّ الجيش الأميركي، سيشنّ هجمات داخل الأراضي الفنزويلية، باستخدام الصواريخ أو الغارات الجوّية، مستهدفاً البنية التحتية أو مواقع عسكرية، ربّما في موازاة غزو برّي محدود للسيطرة على الموانئ والمطارات وحقول النفط، على غرار ما حدث في بنما أو غرينادا.

ووفقاً لمحلّلين، فإنّ الغاية من موجات التصعيد المتتالية ضدّ الحكومة الفنزويلية، خَلْق مناخ يدفع جهات في الجيش الفنزويلي إلى تنفيذ انقلاب يطيح حكم البوليفاريين. لكنّ السيناريو المقدّم يعبّر عن رغبة أكثر من كونه واقعياً، خصوصاً وأنّ المعارضة اليمينية ضعيفة وتفتقر إلى الدعم الشعبي، فيما تقتصر قوّتها على الدعم الأميركي. ويستدعي هذا الوضع بالضرورة تدخُّلاً عسكريّاً خارجيّاً مباشراً، لكنّ التدخّل نفسه قد يتحوّل إلى حرب استنزاف طويلة للقوات الأميركية، وفوضى حرب أهلية شاملة تتهدّد كولومبيا المجاورة، وربّما البرازيل.

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

نشاط حلفاء أميركا وإسرائيل من اللبنانيين في واشنطن: تل أبيب لا تريد السلاح… ونحن لا نريد الحزب كله!

قد يكون هناك نجاح أولي لخصوم حزب الله المحليّين، في إقناع مسؤولين أميركيين كبار بأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *