أخبار عاجلة

شكوك في قابليّته للاستمرار: مجلس سُنّي يحاكي «التنسيقي»

يشكّل إعلان تشكيل «المجلس السياسي الوطني» محاولة سنّية لإنتزاع موقع تفاوضي أقوى بعد انتخابات 11 تشرين الثاني في العراق، وسط تنازع الزعامات وضغوط تهدّد تماسكه.

محاولة لرسم ملامح التأثير السنّي في مرحلة ما بعد الانتخابات..

على وقع التحوّلات المتسارعة داخل المشهد السياسي العراقي، اتّخذت الكتل السنّية خطوة غير مسبوقة بإعلانها تشكيل «المجلس السياسي الوطني»، الذي يضمّ أبرز القوى الفائزة في انتخابات 11 تشرين الثاني الجاري. ويأتي ذلك في محاولة لتكوين مظلّة سنّية موحّدة تشبه – ولو جزئياً – تجربة «الإطار التنسيقي» لدى القوى الشيعية.

وعقد المجلس الذي يضمّ حزبَي «تقدّم» بقيادة محمد الحلبوسي، و«عزم» برئاسة مثنى السامرائي، وتحالفَي «السيادة» و»حسم الوطني»، إضافة إلى حزب «الجماهير»، اجتماعه الأول في منزل خميس الخنجر في بغداد. وأوضحت القوى المشاركة في الاجتماع أن الهدف من خطوتها هو «توحيد الرؤى السياسية إزاء الملفات الكبرى، وضمان تمثيل أفضل للمكوّن السنّي في مؤسسات الدولة»، لافتة إلى أنها استعرضت التحدّيات التي تواجه مناطق شمال العراق وغربه، حيث تُعدّ المحافظات ذات الأغلبية السنّية – نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى – الساحة الأساسية لنفوذ القوى المشكّلة للإطار الوليد، والتي حصدت أغلب مقاعد تلك المحافظات.

وجاءت هذه الخطوة، وفق مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، ضمن محاولة مبكرة لرسم ملامح التأثير السنّي في مرحلة ما بعد الانتخابات، وقبل اكتمال مفاوضات تشكيل الحكومة. وبحسب أحد قادة التحالف الجديد، فإن «الأسابيع المقبلة ستحدّد طبيعة موقع المجلس الحقيقي: هل سيكون مجرد إطار عابر، أم مرجعية سياسية فاعلة تملك حق صناعة القرار داخل البيت السنّي». ويرى مؤيّدون للمجلس أنه قد يمثّل فرصة أخيرة لتجاوز التفكّك الذي رافق المكوّن السنّي طوال الدورات السابقة، والذي انعكس ضعفاً واضحاً في التفاوض أمام الكتل الشيعية الأكثر تماسكاً.

لكنّ هذا التفاؤل لا يلغي موجة الشكوك التي رافقت الإعلان. فبحسب مصدر سياسي مطّلع، فإن «المشكلة داخل المكوّن السنّي أعمق من مجرد تنسيق. هناك تضارب مصالح بين الزعامات، وتنافس على المناصب السيادية، إضافة إلى تدخّلات إقليمية متباينة: تركيا، الخليج، الأردن، وحتى إيران تلعب دوراً في توجيه جزء من القرار السنّي». ويضيف المصدر، في حديث إلى «الأخبار»، أن «طبيعة المكاسب المنتظرة من المناصب – رئاسة البرلمان، الوزارات السيادية والخدمية، التمثيل الدبلوماسي – قد تجعل المجلس أمام اختبار حقيقي: فما إن تبدأ مفاوضات الحصص، حتى يبدأ الشرخ».

مع ذلك، يرى السياسي السنّي المستقل، عمر الناصر، أن الظروف الحالية دفعت القوى السنّية نحو «ربط أحزمة الأمان». ويعتقد، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المجلس سيكون نسخة محسّنة من جبهة التوافق عام 2003. القوى السنّية أدركت اليوم خطورة المرحلة وتداعيات التحوّلات الإقليمية، ولذلك فالتفاهم أصبح ضرورة لا ترفاً. لكن تبقى التوافقات النهائية هي التي ستحدّد مصير المجلس». أمّا الباحث السياسي، علاء الدليمي، فيبيّن، لـ»الأخبار»، أن «التحالفات السنّية اتفقت على إدارة ملفاتها وفق الوزن الانتخابي، ما يعني أن حزب تقدّم سيكون صاحب الكلمة الأقوى». ويشير إلى أن المجلس «سيضع قواعد واضحة لتحديد رئاسة البرلمان المقبلة، والحصص الوزارية، وحتى آليات التنازل مقابل النقاط السياسية».

ومقابل هذا الخطاب المتفائل، يبرز رأي معاكس من أحد القياديين السنّة الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إذ يقول، لـ»الأخبار»، إن «المجلس خطوة إعلامية أكثر مما هو مشروع متماسك. لن يستمر بعد تشكيل الحكومة، فالمكوّن السنّي غير قادر أساساً على الالتقاء تحت مرجعية واحدة، وسيعود الصراع على المناصب ليفتّت كل شيء». لكنّ القيادي في «تقدّم»، سعود المشهداني، يؤكد أن «الرؤى توحّدت اليوم داخل المكوّن السنّي، ونحن أمام فرصة تاريخية لتعزيز موقعنا التفاوضي. التحدّيات حاضرة، خاصة في ملف الحقائب الوزارية، لكننا لا نريد أن نتشتّت مجدّداً. وهناك اتفاق واضح على استمرار المجلس حتى نهاية الدورة النيابية السادسة».

من جانبه، يعتبر أستاذ العلوم السياسية، علي الجبوري، أن «المجلس يمثّل محاولة ناضجة نسبياً لتجاوز الانقسام، لكنّ نجاحه مرهون بعوامل داخلية وخارجية معقّدة». ويعتقد الجبوري، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «إذا استطاع المجلس خلق آليات ملزمة لاتخاذ القرار، والابتعاد عن شخصنة الصراع، فستكون أمامه فرصة كي يصبح مظلّة سياسية فاعلة. ولكنّ الخلافات حول رئاسة البرلمان، والوزارات الخدمية، والعلاقة مع القوى الشيعية، قد تعيد الأمور إلى نقطة الصفر إذا لم تُحسم مبكراً».

في المحصّلة، يبدو أن المجلس يقف اليوم على حافة مرحلة مفصلية، بين إمكانية أن يشكّل طوق نجاة للمكوّن السنّي عبر توحيد خطابه ورفع حضوره السياسي، واحتمال أن يتحوّل إلى ساحة جديدة للخلافات مع بدء مفاوضات تشكيل الحكومة وتقاسم الحصص.

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

نشاط حلفاء أميركا وإسرائيل من اللبنانيين في واشنطن: تل أبيب لا تريد السلاح… ونحن لا نريد الحزب كله!

قد يكون هناك نجاح أولي لخصوم حزب الله المحليّين، في إقناع مسؤولين أميركيين كبار بأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *