أخبار عاجلة

الحملة اليمينية لا تكبح ممداني: انتخابات دراماتيكية في نيويورك

يواصل زهران ممداني التصدّي لحملة يمينية شرسة، متعهداً باستهداف أصحاب الثروات والاستمرار في دعم الحركات المناهضة للعدو الإسرائيلي، وهو ما يؤرق الجمهوريين والديموقراطيين على حدّ سواء.

يمكن فهم «الهجمة» على ممداني من خلال إستعراض أبرز الوعود التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية.

«متعاطف مع (حماس) الإرهابية»، «إرهابي جهادي»، «رحّلوا ممداني»، و«حذار تكرار هجمات الـ11 من أيلول»؛ على هذا النحو، استجابت الدوائر الأميركية السياسية المحافظة لنجاح الديمقراطي الاشتراكي، زهران ممداني، في الانتخابات التمهيدية للحزب، لمنصب عمدة مدينة نيويورك في حزيران الماضي.

وفي ظل وصف بعض المراقبين للحملة التي تعرّض لها المرشح المسلم، والتي شملت أيضاً تهديدات بالقتل، بـ«المعادية للإسلام والأجانب»، فقد انضمت شخصيات بارزة في إدارة دونالد ترامب إليها، بما في ذلك نائب رئيس موظفي البيت الأبيض ومهندس عمليات الترحيل الجماعي ستيفن ميلر. وزعم الأخير أن «مدينة نيويورك هي التحذير الأكثر وضوحاً حتى الآن مما يحدث للمجتمع عندما يفشل في السيطرة على الهجرة».

من جهتها، أرسلت ممثّلة نيويورك، إليز ستيفانيك، التي اختارها ترامب ذات مرة لمنصب سفيرة الأمم المتحدة، رسائل بريد إلكتروني لجمع التبرعات، تصف ممداني بأنه «متعاطف مع (حماس)»، وذلك حتى قبل الدعوة إلى السباق. كما كان لابن ترامب «بصمته» الخاصة في الهجوم، بعدما اعتبر، في منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن «مدينة نيويورك سقطت»، مشبّهاً تصويت سكانها لممداني بما حدث في هجمات 11 أيلول. أمّا المعلّق المحافظ، مات والش، فأعرب عن أسفه لأن نيويورك «لم تعد مدينة أميركية»، بعدما أصبحت نسبة سكانها المولودين في دول أخرى نحو 40%.

وفي خضمّ هذه الحملة الشرسة، نشرت شبكة «سي بي أس» الأميركية، الأحد، تقريراً نقلت فيه عن «هيئة الانتخابات» في مدينة نيويورك قولها إن أكثر من 584 ألف مواطن أدلوا بأصواتهم بالفعل، قبل أن تفتح مراكز التصويت أبوابها للمرة الأخيرة اليوم، من الساعة 9 صباحاً حتى الـ5 مساءً، بالتوقيت المحلي للولايات المتحدة. وخلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة من التصويت المبكر، جاب المرشحون الثلاثة لمنصب عمدة المدينة، المقاطعات الخمس، وأحيوا سلسلة من الفعاليات التي تهدف إلى كسب الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد.

وطبقاً للشبكة، أظهر استطلاع جديد للرأي أجراه مركز «أطلس»، شمل أكثر من 1500 شخص حتى 30 تشرين الأول، حصول ممداني على 40% من الأصوات، والمرشح المستقل أندرو كومو على 34%، والمرشح الجمهوري كيرتس سليوا على 24%. والأسبوع الماضي، أفادت استطلاعات أخرى بأن ممداني يحظى بـ45% من الأصوات، مقارنة بنحو 30% لكومو، وما بين 15 إلى 20% لسيلوا.

وعلى الرغم من أن سليوا، الذي بنى حملته على «القانون والنظام» وجعل الشوارع ومترو الأنفاق أكثر أماناً، اعتبر أن الانتخابات المرتقبة «لن يحدّدها المليارديريون أو المؤثّرون أو المطّلعون، بل أنتم الشعب»، وأن «أبناء الطبقة العاملة ذات الياقات الزرق لا يتم تمثيلهم من قبل زهران، أو أندرو وأصدقائه المؤثّرين والمتموّلين»، فقد اتّضح أن أصحاب المليارات قد دأبوا، في الأيام الأخيرة، على ضخّ أموال هائلة لوقف ممداني؛ إذ تبرّع بيل أكمان، مدير صندوق التحوط والملياردير والمعلّق الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي، بمليون دولار في 14 تشرين الأول لمنظمة «Defend NYC»، وهي لجنة عمل سياسي معارضة لترشيح ممداني، وفقاً لملفات «مجلس الانتخابات» في الولاية التي تضمّ العدد الأكبر من السكان في البلاد.

“تعهّد ممداني بعدم إرسال الشرطة لقمع التظاهرات الداعمة لفلسطين”

وفي اليوم نفسه، أرسل لوري تيش، المستثمر الملياردير من العائلة التي أسّست شركة «لويز»، 100 ألف دولار إلى لجنة «Fix The City» المناهضة لممداني. كما تبرّع دانييل لوب، المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة «Third Point Ventures»، بمبلغ 150 ألف دولار أميركي للجنة نفسها. وبعد يوم واحد، أظهرت سجلّات الانتخابات مساهمة أخرى قدرها 100 ألف دولار منسوبة إلى لوب.

على أن ممداني كان توقّع، خلال فعالية بعنوان «نيويورك ليست للبيع»، أن يستخدم أصحاب النفوذ كل الوسائل لمهاجمة حملته، مؤكداً أنّه «لن يتراجع»، وسيتغلّب على «الأوليغارشيين»، ويعيد «الكرامة إلى حياة الناس».

ويمكن فهم «الهجمة» على ممداني من خلال استعراض أبرز الوعود التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية؛ إذ تعهّد بتغيير نمط الحياة في المدينة على الطريقة الاسكندنافية، بما يشمل حافلات مجانية، ورعاية أطفال شاملة، وتجميد الإيجارات في الشقق المستقرة – وهي فئة سكنية تنظّم من خلالها الحكومة قدرة أصحاب العقارات على زيادة الإيجار كل عام -، ومحالّ بقالة تديرها الدولة، وتحديد الحد الأدنى للأجور بـ30 دولاراً بحلول نهاية ولايته. ولتمويل أجندته، التي تقدّر حملته كلفتها بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، تعهّد ممداني بزيادة الضرائب على الشركات والـ1% على أصحاب المدخول الأعلى.

كما يشكّل الإسكان الحجر الأساس في حملة المرشح الديمقراطي، بعدما تعهّد ببناء 200 ألف وحدة سكنية جديدة على امتداد عشر سنوات بتكلفة 100 مليار دولار، جنباً إلى جنب جعل الحافلات مجانية لأكثر من مليون راكب يومياً في الولاية، وإنشاء إدارة جديدة لسلامة المجتمع، تشرف على الاستجابة لأزمات الصحة العقلية والتواصل مع المشرّدين. كذلك، وعد ممداني بتوفير رعاية شاملة للأطفال الذين تُراوِح أعمارهم بين ستة أسابيع وخمس سنوات، فيما يساعده تواصله بلغات متعددة، بما فيها العربية، على التواصل مع سكان نيويورك العرب والمهاجرين الذين غالباً ما يشعرون أنهم مستبعدون من الحملات الانتخابية.

وعلى الرغم من أن حملته ركّزت على الأوضاع المعيشية بشكل رئيسي، فقد نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عقب فوزه في حزيران، تقريراً زعمت فيه أن قاعدته الأساسية تتكوّن من ناشطي منظمة «الاشتراكيين الديمقراطيين في أميركا»، وأن «السبب الحقيقي وراء حماسهم له هو نشاطه المستمر ضد إسرائيل». وأشار التقرير إلى أنه بعد أحداث الـ7 من أكتوبر 2023، أدلى ممداني بتصريحات «تساوي بين الجانبين»، معتبراً أن الطريق إلى السلام يبدأ بتفكيك «الفصل العنصري» وإنهاء الاحتلال، وصولاً إلى إعلانه أن إسرائيل «على حافة الإبادة الجماعية».

كذلك، اعتُقل المرشح الديمقراطي خلال مشاركته في احتجاجات ضد إسرائيل وليس ضد «حماس»، بحسب الصحيفة، في حين شارك في تأسيس فرع «طلاب من أجل العدالة في فلسطين» في «كلية بودوين»، وهي المجموعة الوطنية التي أصدرت تعليمات إلى فروعها بـ«الاحتفال بالانتصار التاريخي للمقاومة الفلسطينية». وإذ يتعهّد ممداني حالياً باعتقال نتنياهو في حال زار الولاية، فإن والده، وهو أستاذ في جامعة كولومبيا، كان قارن إسرائيل بالنازيين لسنوات، بحسب التقرير نفسه، فيما يدعم ابنه، أيضاً، معسكر الاحتجاج في كولومبيا، الذي «احتفل» بعملية السابع من أكتوبر، متعهّداً بأنه لن يرسل الشرطة لقمع أي احتجاجات مستقبلية داعمة لفلسطين.

اللافت أن الحزب الديمقراطي نفسه يبدو حذراً من «ظاهرة» ممداني التي تجلب اتهامات للحزب بانتهاج سياسات «متطرفة» وتعيد تشكيل توجّهاته؛ إذ قدّمت كامالا هاريس دعماً محدوداً وحذِراً لممداني، وعلى الرغم من اتصال باراك أوباما به لتقديم بعض النصائح له، فإنه لم يمنحه تأييداً رسمياً. أمّا حكيم جيفريز، زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، فأصدر بياناً مدروساً في اللحظة الأخيرة، معلناً دعمه إياه، بينما بقي تشاك شومر على الحياد. ومن جهته، اعتبر بيرني ساندرز أن انتخاب ممداني قد يشجّع نجاح مرشحين مماثلين على مستوى البلاد، واصفاً إياه بأنه «أسوأ كابوس لترامب».

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

نشاط حلفاء أميركا وإسرائيل من اللبنانيين في واشنطن: تل أبيب لا تريد السلاح… ونحن لا نريد الحزب كله!

قد يكون هناك نجاح أولي لخصوم حزب الله المحليّين، في إقناع مسؤولين أميركيين كبار بأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *