98 بئراً خارج الخدمة ومحطة الثعلة مدمّرة: حصار السويداء يفاقم أزمة المياه
وكالة ميادين المقاومة
أكتوبر 30, 2025
أخبار هامّة, الرئيسية, النشرة الدولية, مقالات مختارة
يفاقم الحصار وأعطال الآبار وانقطاع الكهرباء أزمة المياه في السويداء، بعد خروج 98 بئراً ومحطة الثعلة عن الخدمة وتهديد الزراعة والعائلات بالعطش.
تحوّلت خزانات «الهلال الأحمر» المنتشرة في بعض الأحياء إلى المصدر الوحيد لتأمين كميّات محدودة من المياه
تواجه محافظة السويداء، واحدة من أسوأ أزماتها الخدمية والإنسانية منذ عقود، بعدما تداخلت عوامل الحصار ونقص المحروقات وانقطاع التيار الكهربائي وأعطال مضخّات الآبار، لتنتج أزمة مياه خانقة باتت تهدّد حياة السكان وعمادَ اقتصاد المحافظة الزراعي. إذ تحوّل انقطاع المياه الموسمي في السويداء، إلى كارثة إنسانية مكتملة الأركان، وخصوصاً مع توقّف نحو 98 بئراً جوفية عن العمل بشكل كامل منذ منتصف تموز الماضي، وهو ما أفقدَ آلاف العائلات مصدرها الأساسي لمياه الشرب، فيما أصيبت الزراعة بشلل شبه تام نتيجة انهيار منظومة الضخّ وتدمير جزء من البنى التحتية الحيوية.
على أنّ أخطر الضربات طاولت محطة الضخّ الرئيسية في منطقة الثعلة، التي كانت تؤمّن ما بين 60% و70% من احتياجات مدينة السويداء، من المياه وذلك بعدما تعرّضت المحطة للحرق والنهب، ولا يزال من المستحيل الوصول إليها لتقييم الأضرار أو إصلاحها بسبب وقوعها في منطقة «غير آمنة».
غير أنّ الأزمة لم تبدأ اليوم؛ إذ قبل الأحداث الأخيرة كانت نحو 40 بئراً، قد خرجت من الخدمة بسبب تقادم تجهيزاتها وتجاوز عمرها التشغيلي عقدين من الزمن، ما جعل أي ضغط إضافي كافياً لانهيار الشبكة بأكملها. ويُضاف إلى ذلك الانقطاع شبه الكامل للتيار الكهربائي، نظراً إلى أنّ مدّة الوصل لا تتجاوز نصف ساعة كل خمس ساعات ونصف الساعة، ما جعل تشغيل المضخّات أمراً شبه مستحيل.
ومع حرمان المحافظة من توريدات المحروقات، تعذّر الاعتماد على المولّدات البديلة، لتصبح المياه عملياً خارج متناول اليد، ممّا أجبر الأهالي على شراء المياه من الصهاريج الخاصة بأسعار وصفت بأنها «خيالية». إذ تجاوز سعر النقلة الواحدة 600 إلى 700 ألف ليرة، بعدما كانت لا تتعدّى 150 ألفاً قبل بدء الحصار، في وقت تحوّلت فيه خزانات «الهلال الأحمر» المنتشرة في بعض أحياء المدينة إلى المصدر الوحيد لتأمين كميّات محدودة من مياه الاستخدام المنزلي.
الزراعة… الضحية الثانية
توقّف الآبار الزراعية بالكامل أدّى إلى شلل شبه تام في القطاع الزراعي، الذي يشكّل الركيزة الأساسية لاقتصاد المحافظة. وفي السياق، يشير مدير الزراعة في السويداء، مالك الحلبي، إلى أنّ معظم الآبار الزراعية خرجت عن الخدمة، بانتظار لجنة وزارية لتقييم الوضع ووضع خطّة لإصلاحها، فيما يواجه المزارعون خطر فقدان محاصيلهم ومصدر رزقهم.
ومع تراجع الموارد المائية، تحوّلت الأراضي الخصبة تدريجياً إلى مساحات شبه قاحلة، وهو ما يعزوه الأهالي إلى هجوم منظّم استهدف البنية المائية للمحافظة، حوّل أراضيها الزراعية إلى ما يشبه «صحراء عطشى». ويقول مدير الموارد المائية في السويداء، وسام محمود، إنّ «ما حدث يتجاوز كونه عملاً عشوائياً. لقد كان استهدافاً مقصوداً لشريان الحياة في المنطقة. 98 بئراً متوقّفة عن العمل، ومحطة الثعلة خارج الخدمة، وأكثر من 170 ألف مواطن يواجهون خطر العطش». وتصف مؤسّسة مياه السويداء، بدورها، الوضع المائي الحالي بأنه «كارثي»، في ظلّ غياب الإمكانيات لتشغيل الآبار والمضخّات أو إصلاح الأعطال المتراكمة.
مبادرات محلّية… وأمل قادم من المغتربين
وسط هذا الانهيار، حاول أبناء المحافظة تقديم حلول ذاتية، بينها إنجاز مشروع طاقة شمسية متكامل في محطة الضخّ الرابعة في مدينة السويداء، يضمّ 315 لوحاً شمسياً لتأمين ضخّ المياه لأربعة أحياء رئيسية، بتمويل من المغتربين وجهود محلّية تطوّعية شارك فيها طلاب وخريجو الجامعات. ويغذّي المشروع مناطق حي الجلاء والمشفى والكوم وصولاً إلى كناكر، ما ساهم في حلّ جزئي لأزمة المياه في تلك الأحياء. كما بادر عدد من المغتربين إلى إنشاء مشاريع مماثلة في القرى، لكنّ العديد من المناطق بقيت محرومة من حوامل الطاقة، ما دفع الأهالي إلى الاعتماد على صهاريج المياه المموّلة من تبرّعات المغتربين.
مرتبط