العدو الإسرائيلي يجوِّع القطاع… والأردن يغذّيه باللحوم!

تكشف قضيّة «حجازي وغوشة» عن تشابك المال بالتطبيع، إذ تواصل الشركة الأردنية أنشطتها في الكيان الإسرائيلي المؤقت على الرغم من الإدانات والنزاع القضائي المتصاعد.

لا تزال قضيّة شركة اللحوم «حجازي وغوشة» الأردنية – وهي من كبريات الشركات في الأردن بحجم إيرادات يقارب الخمسة مليارات دولار سنويّاً -، قَيْد التداول في الأخبار وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كما في المحاكم الأردنية والإسرائيلية؛ إذ ذكرت «القناة الـ11» العبرية (20 الجاري) أن محكمة إسرائيلية قضت بأن تدفع الشركة المذكورة مبلغ 300 ألف دولار لمصلحة كيبوتس «إيلوت» في إيلات، على خلفية النزاع التجاري بينهما، والذي بدأ يشقّ طريقه إلى المحاكم، اعتباراً من عام 2015.

والحُكم الصادر، في أواخر أيلول الماضي، لم يكن الأول من نوعه، فقد سبق لمحكمة إسرائيلية إصدار حُكم ضدّ «حجازي وغوشة» (مالكة سلسلة متاجر «سامح مول» ومطاعم «عالية» و«الكمشة» و«أطياب الطعام» و«قصر يلدز» في عَمَّان وغيرها من المدن الأردنية)، بدفع 300 ألف دولار لمصلحة الكيبوتس المذكور، بعدما رفض فرع الشركة في إسرائيل، سداد مستحقّات «إيلوت»، مقابل عقد استثمار 10 دونمات فيه.

وبحسب الوثائق الإسرائيلية، تعمل «حجازي وغوشة»، التي يُنظَر إليها بوصفها إمبراطورية اقتصادية، في الأراضي المحتلّة منذ عام 1997، تحت اسم «Refet BaArava»؛ علماً أن حصّتها من مبيعات اللحوم الحية في السوق الإسرائيلية تبلغ ما بين 70% و90%.
وتسبّب نزاعٌ تجاري بين «إيلوت» و«حجازي وغوشة» برفع دعاوى قانونية في إسرائيل كسبها الكيبوتس، الذي كان أرسل، للمرّة الثانية، «إنذاراً عدليّاً» إلى الشركة، عبر النظام القضائي الأردني، لدفع المبلغ، وذلك من خلال محامي الكيبوتس الأردني في عمّان، «مكتب خلدون العموش وعلي ارشيدات». وعلى خلفية انتهاك المكتب المُشار إليه القواعد التي تحظر التعامل مع إسرائيل ومؤسساتها، ولا سيما محاميه ارشيدات، قرّرت نقابة المحامين الأردنية شطبه نهائيّاً من سجلّاتها الرسمية الخاصة بممارسة مهنة المحاماة أمام المحاكم المحلية.

ويملك الفرعَ الإسرائيلي لـ«حجازي وغوشة»، حسين غوشة، وهو رئيس الشركة الأمّ في عمّان، والذي استثمرت شركته نحو 10 ملايين دولار في البنية التحتية لأراضي كيبوتس «إيلوت» من أجل رعاية المواشي، ما يجعل الشركة جزءاً من منظومة اقتصادية مرتبطة بشكل مباشر بالاحتلال الإسرائيلي.
لكنّ خلافات حول تعويضات مالية أدّت إلى رفع الكيبوتس قضيّة ضدّ الشركة، وشريكها الإماراتي في ذلك الوقت، الشيخ منصور بن زايد (شقيق محمد بن زايد) من خلال شركة «مستقبل الإمارات». ومنذ عام 2011، حين كُشف عن شحنة لحوم حية جرى تصديرها إلى الكيان الإسرائيلي من قِبَل «حجازي وغوشة»، تمّ إدراج الشركة المُطبِّعة اقتصاديّاً مع الكيان من قِبَل «هيئة مقاومة التطبيع» في الأردن، في القائمة السوداء.
تمكّنت الشركة من الاحتيال على الحصار اليمني، من خلال وضع وجهة باخرة الشحن «الميسورة»، العقبة، بدلاً من إيلات
وبالعودة إلى عام 2007، اندلع خلاف بين الجانبَين، عندما حاول كيبوتس «إيلوت» فسخ العقد مع الشركة، الأمر الذي أجبر هذه الأخيرة على اللجوء إلى القضاء، والتوصّل إلى تسوية أعادت الاعتراف بفعّالية العقد المُبرم بينهما في عام 2004. أمّا النزاع الذي انفجر، في كانون الثاني 2015، ولا يزال مستمرّاً، فيعود إلى محاولة الشركة الأردنية تفكيك محطّتها في الكيبوتس بالقوّة، ونقل معداتها بشاحنات، وهو ما أدّى إلى صدور أمر قضائي مستعجل ضدّها يمنعها من ذلك، في حين قدّر الكيبوتس الضرر آنذاك بـ130 ألف شيكل.

لكنّ الأزمة بينهما تصاعدت، لتصدر المحكمة المركزية الإسرائيلية في حيفا، في الـ26 من كانون الثاني 2020، حكماً لمصلحة الكيبوتس، اعتبر أن «محطّة الحجر البيطري»، وهو الاسم الذي أُطلق على الموقع الذي تتّخذه «حجازي وغوشة» مقرّاً لأعمالها، ملكاً للكيبوتس وليس للشركة، وفَرض بالتالي على الأخيرة دفع 300 ألف دولار كتعويضات مالية.
وتعمل «حجازي وغوشة» في السوق الحرة الأردنية في العقبة (لا تدفع ضرائب على مداخيلها) على استيراد المواشي الحية من أورغواي، وذلك عبر شركتها «البدر» التي أسّستها هناك لصالح السوق الإسرائيلية، بعد توقّف عمل فرعها في أستراليا «Livestock shipping services»، بسبب الحصار الذي تفرضه حركة «أنصار الله» اليمنية على التجارة مع إسرائيل، في البحر الأحمر.

ولدى الشركة أيضاً، وكيل كبير في تركيا تبيع من خلاله إلى السوق الإسرائيلية، كما لديها شركة في الإكوادور وأسطول من سفن لنقل المواشي يضمّ نحو 15 باخرة. أيضاً، تمتلك حظيرة مواشٍ في الأردن في القويرة القريبة من العقبة، في حين تمكّنت من الاحتيال على الحصار اليمني، من خلال وضع وجهة باخرة الشحن «الميسورة»، العقبة، بدلاً من إيلات، حيث أنزلت حمولتها، المكوّنة من 10 آلاف عجل و13 ألف خروف، في كيبوتس «إيلوت».
ومع رفع الكيبوتس الإسرائيلي قضيّة في الأردن، لمطالبة الشركة بالتعويض المالي، لم تجد الأخيرة بداً من إصدار بيان في الـ24 من أيلول الماضي، تحتجّ فيه بأن نشر الإنذارات الموجّهة إليها من الكيبوتس، في الإعلام، قد أَلحق الضرر بها. مع هذا، لم تنفِ «حجازي وغوشة» نشاطها التجاري في إسرائيل، علماً أنه مسموح قانونيّاً، وإنْ كان مرفوضاً اجتماعيّاً وشعبيّاً، باعتباره شكلاً من أشكال التطبيع. وتستند الشركة في رفضها الاستجابة إلى قرارات المحاكم الإسرائيلية والإنذارات العدلية الأردنية – طبقاً لمصادر ونشطاء أردنيين – إلى علاقاتها ونفوذها داخل أجهزة السلطة الأردنية الأمنية والسياسية.

وتدأب «حجازي وغوشة» على نفي وجود فرع لها في إسرائيل، إلا أن الوثائق القانونية تؤكّد أنها مُسجّلة هناك باسم «Refet B’arava»؛ كما تفضح عملياتها التجارية مع الشركات الإسرائيلية. وتضاف إلى ما تقدّم، صور جوازت السفر الأردنية «المؤقّتة» لأصحاب «حجازي وغوشة»، والتي حصلوا عليها لإخفاء تأشيرات سفرهم إلى إسرائيل، وكذلك أوراق المحكمة الإسرائيلية حول دور عصام حجازي وأحمد غوشة في تأسيس الفرع الإسرائيلي لشركتهما وعلاقتهما مع الكيبوتس.
وكان المحامي الأردني المشطوب من سجلّات نقابة المحامين، ارشيدات، قال، في مقابلة مع قناة «كان» العبرية، إنه بعث برسائل إلى نقابة المحامين الأردنية، ووزير العدل، ورئاسة الحكومة، والديوان الملكي، لكنه لم يتلقَّ ردّاً بعد، منتقداً قرار النقابة شطبه، مشيراً إلى أن الردّ الوحيد الذي تلقّاه كان من القناة العبرية التي أجرت اللقاء معه.

عن وكالة ميادين المقاومة

شاهد أيضاً

مناورات «سهند 2025»: إيران تعمّق انخراطها الأمني شرقاً

استضافت إيران مناورة “سهند 2025” لمكافحة الإرهاب، التي شاركت فيها جميع دول “منظمة شنغهاي للتعاون”، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *